شبكة الصحفيين السودانيين: ردة الروح..!

شبكة الصحفيين السودانيين: ردة الروح..!
  • 30 مارس 2019
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

تحية أخرى لشبكة الصحفيين السودانيين ولعضويتها ومناصريها.. فقد كان لوقفتكم الباسلة بالأمس في قلب غبار الأسنة المُشرعة والطوارئ الغاشمة ولنضالكم النقابي والوطني المتصل ما يشبه (ردة الروح) للصحافة السودانية والصحفيين السودانيين..!

للصحافة في السودان تاريخ مشرق منذ العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي وما بعدها.. وحين انطلق قلم أبو الصحف أحمد يوسف هاشم يدمغ الحكومة الاستعمارية في ذروة عنفوانها ويسخر من بطشها ويسميها على رؤوس الأشهاد (حكومة المفتشين)..! ثم يقود مع الصحفيين السودانيين الإضراب الشهير في مواجهة جيمس روبرتسون السكرتير الإداري البريطاني الرهيب الذي حاول إلغاء وجودهم وتكميم أفواههم وتسفيه مهنتهم والحيلولة بينهم وبين نقل حقيقة ما يدور في وطنهم فجعلوه يتراجع ويطأطئ رأسه ويعتذر للصحافة والصحفيين السودانيين..! ..وقد كان ذلك من الدروس البليغة التي سجلها التاريخ للصحافة السودانية.. ثم استمر هذا المسار الوطني التنويري الحر في فترات طويلة دأباً متصلاً في مغالبة الحجب والمنع، ونشر ألوية التنوير عبر المسيرة الوطنية وفي كافة النطاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعبر نضالات مؤتمر الخريجين ثم نشوء الأحزاب وما رافقها من حراك وطني.. والى معركة الاستقلال والتحرير والانعتاق وما بعدها.. وإلى أيامنا الحاضرة هذه.
لقد ردت وقفاتكم الاعتبار للصحافة السودانية والصحفيين السودانيين، وكنتم على العهد بكم منذ نشأة “شبكة الصحفيين” في الظروف العصيبة التي عاشها السودان في السنوات الفائتة وحتى اليوم، وانتم تخرجون مع الصباح لتأسيس المهنية الصحفية على الجادة، وكانت شعاراتكم في وقفة الأمس تدعو إلى الحرية وترفض القهر والقمع والرقابة الجاهلة المستبدة، وتصدح باحترام كيان الصحافة ومهنيتها ودورها في مجتمعها، وتنادي بصوت جهير ضد التكميم والتعتيم والتغبيش والتهويش والقهر والاضطهاد والإخضاع والملاحقة، حفظاً لكرامة الصحفيين واحتراماً لوظيفة الصحافة وكينونتها بوصفها خادمة للشعب، صادعة بالحق، مؤدية لمهام الإعلام والإخبار والرقابة وعرض الآراء وتمحيص الخيارات وقرع الأجراس والإسهام في التنوير ونشر المعرفة وترقية حياة المجتمع ونقل صوت المواطنين ومتابعة مجريات الأحداث وتنقية المجتمع من الأوشاب والأوضار ومحاربة الفساد والتدليس والتزييف..

هذه هي عودة الروح..! وقد كنتم الضمائر الوفية العصية على الشراء والبيع، والمشاعل المضيئة الساطعة التي لا تخبو ولا تنطفئ، والعين الساهرة التي لا تنام عن حقوق الوطن وحقوق المواطنة!

لقد رفعتم بيارق الصحافة في العلالي بتأكيد أن الرائد لا يكذب أهله ولا يخون ضميره، وكنتم مثل الأشجار البواسق التي لا تغرس عروقها ولا تستقي ماءها إلا من مشاش تربة بلادها لتعطي ثمرها حلالاً طيباً لشعبها….تحية تقدير وعرفان..!

murtadamore@yahoo.com

التعليقات مغلقة.