الديمقراطية و ثورة ديسمبر

الديمقراطية و ثورة ديسمبر
  • 10 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

يعرف صامويل هانتنغتون موجة التحول نحو الديمقراطية في العالم بانها مجموعة من التحولات من أنظمة غير ديمقراطية نحو أنظمة ديمقراطية تحدث خلال فترة محددة من الزمن ، تتضمن الموجة دمقرطة جزئية في الأنظمة السياسية ، التي لا تصبح بالضرورة ديمقراطية كاملة .

هاتنغتون وصف ثلاث موجات عالمية للديمقراطية حدثت عبر التاريخ ، الموجة الأولى بدأت منذ عام ١٨٢٠ و استمرت قرابة القرن و جلبت للعالم حوالي ٢٩ دولة ديمقراطية ، و لكنها تعرضت لموجة مضادة في فترة ما بين الحربين ، قلصت عدد الدول إلى ١٢ دولة ديمقراطية ، الموجة الثانية بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية و بلغت أقصاها سنة ١٩٦٢ و جلبت ٣٦ دولة تحكمها الديمقراطية . لكنها أيضا تعرضت لموجة مضادة قلصت عدد الديمقراطيات إلى ٣٠ دولة ، الموجة الثالثة بين عامي ١٩٧٤ و ١٩٩٠ حيث وصل العدد ٦٠ دولة ديمقراطية، بالتحاق الضعف ، بدأت الموجة بالبرتغال و اليونان و اتجهت صوب اسبانيا و أمريكا اللاتينية ، ثم اكتسحت الدول الشيوعية في الاتحاد السوفيتي و شرق أوربا و بعض دول آسيا و افريقيا و العرب .

و بالتأكيد الموجة الرابعة هي موجة الربيع العربي التي انطلقت في بداية هذه الألفية و التي وصلت مداها بثورة ديسمبر ٢٠١٨ في السودان ، الربيع العربي كذلك تعرض لموجة مضادة تفجرت عنها حروب كارثية في سوريا و ليبيا و اليمن ، بينما انتكست مصر لحكم شمولي جديد ، و الناجية الوحيدة كانت تونس و التي تسير الآن بخطوات متأرجحة نحو ديمقراطية مكتملة ، بينما تبدو تجربتنا في السودان حديثة و غضة حتى الآن و لم يتمظهر بعد مصيرها الحتمي، و لكن مع وجود تاريخ ثوري سوداني في تجاوز الفترات الانتقالية بسلاسة و الوصول الى الانتخابات و النظام الديمقراطي فإن فرص ثورة ديسمبر أكبر في العبور فوق مطبات الفترة الانتقالية وصولا للانتخابات .

الخطر على ثورة ديسمبر يكمن في تفاوت أليات التغيير لدى التيار الثوري ، فبينما هناك من يؤمنون بالمصالحة و يعملون لها ، هناك من يؤمنون بالحسم الثوري و يعملون له ، هذا الصراع يستفيد منه بالمقام الأول تيار الموجة المضادة لثورة ديسمبر فهو يستثمر بصورة خاصة في صراع تيارات الثورة ، و يزكي نار هذا الصراع بالازمات الاقتصادية و الشائعات و الاخبار المحبطة من أجل إيصال الجماهير الى نقطة اليأس و الشكوك و من ثم دفعها للثورة على حكومة الثورة .

الديمقراطية حتمية و سيصلها الشعب السوداني عاجلا أم اجلا ، و لكن كلما تأخرت كلما دفع الشعب مزيدا من الصراع و الحروب ، فالديمقراطية في عالم الغرب قضت تماما على اسباب نشوء الصراعات بين المواطنين و حققت معدلات رضا جماهيري مرتفع جدا ، بينما ظل مواطنو الدول الدكتاتورية هم الأكثر تعاسة و إحباط ( كما كان يحدث للسودانيين في عهد الانقاذ ) .

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.