جاءتكم ألمانيا فلا تردوها

جاءتكم ألمانيا فلا تردوها
  • 24 فبراير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

بعد ٣٥ سنة من آخر زيارة لرئيس ألماني للسودان ، تحط طائرة الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير في السودان الخميس المقبل ، معززة بذلك مرحلة مدهشة ومتسارعة من العلاقات الألمانية السودانية في أعقاب ثورة ديسمبر ، بدأت في سبتمبر من العام الماضي بزيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ، وتواصلت بزيارة وزير التنمية الألماني في فبراير من هذا العام ، وتعززت بالزيارة التاريخية لرئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك لألمانيا في منتصف فبراير ولقاءه بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل ، لتسكتمل الخميس بزيارة الرئيس الألماني ضمن وفد كبير .

هذا التسارع المدهش في العلاقات بين السودان وألمانيا في أعقاب الثورة يفتح نافذة أمل ضخمة للشعب السوداني ، فالتقارب مع ألمانيا يعني التقارب مع أقوى أقتصاد في أوربا ورابع اقوى اقتصاد في العالم ، وللتدليل على عظمة اقتصاد ألمانيا أشير فقط إلى أن حجم صادراتها في العام الماضي تجاوزت تريليون و ٥٠٠ مليار دولار ، أي صادرات ألمانيا لعام واحد فقط تساوي ميزانية السودان لعام ٢٠١٨ لمدة ٧٧ سنة !!

مهم الإشارة إلى أن الاهتمام الألماني بالسودان هو ضمن توجه ألماني أكبر نحو قارة أفريقيا، ابتدأ منذ العام ٢٠١٧ في قمة العشرين بألمانيا وعبر عنه بمؤتمر ( ميثاق مع أفريقيا ) ، وهو بالتاكيد ما شجع ألمانيا على اختطاف السودان مبكرا بعد خروجه مباشرة من فك الشمولية وحكم الدكتاتور، ويظهر ذلك في تصريحات المستشارة الألمانية ميركل بأن ( الثورة السودانية نموذج ملهم ) وحديث وزير التنمية الألماني غيرد مولر عن حاجة السودان الفورية للدعم وقوله( نحن مستعدون وسنبدا على الفور ) وكشفه عن ٨٠ مليون دولار خطوه أولى لدعم التنمية الزراعية ومشاريع الطاقة وتدريب الشباب والمرأة .

ألمانيا نفسها نموذج مدهش في النهضة يمكن للشعب السوداني ان يتعلم منه ، فهي خرجت من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومحطمة ومنقسمة إلى غربية وشرقية ومضعضعة اقتصاديا ، ولكنها ثابرت ونهضت اقتصاديا في ظرف وجيز بفضل العمل الجاد ، وخاصة في قطاع التصنيع ، حيث تشتهر ألمانيا بقطاع الصناعة والشركات العملاقة ، فهي مثلا أكبر منتج للسيارات في العالم ، وفي هذا العام تجاوز عدد الشركات الألمانية حاجز ٣ مليون شركة تجاوزت عوائدها في السنة الماضية فقط مبلغ ٧ تريليونات دولار !!

هذه هي ألمانيا التي نستقبل بين ظهرانينا رئيسها بالخميس، قوة اقتصادية عظمى ، من المهم الاستفادة من هذه الزيارة بالقدر الممكن والعمل على فتح نوافذ تواصل اقتصادية، فبلادنا في حاجة للتجربة والخبرة الألمانية ، كما أنها في حاجة لاستثمارات ضخمة تساعدها على الاستفادة من مواردها المتعددة في الزراعة والطاقة والمعادن .

الرئيس الألماني بالتأكيد معه عدد من ممثلي الشركات الألمانية وهؤلاء هم منجم الذهب ، التواصل معهم وتقديم المعلومات الاقتصادية الصحيحة وتوفير الضمانات المشجعة لهم قد يحفز الماكينات الألمانية على المجيء لارض النيلين، مهم كذلك العمل على تقديم رؤية سياسية واضحة عن مستقبل السودان في ظل السلام والديمقراطية للوفد الألماني وطمانته بأن السودان سيطوي صفحات الحرب والفساد والدكتاتورية وينطلق نحو السلام و الديمقراطية وحكم القانون .

البيانات الاقتصادية الصريحة والواضحة والرؤى السياسية الجادة والملتزمة ستكون هي كلمة السر التي يبحث عنها الوفد الألماني ، اتمنى ان يتم تجهيزها بصورة متكاملة من قبل المسؤلين في الحكومة الانتقالية ، فالمانيا الآن تتجه نحو أفريقيا ووضعتنا في اول القائمة ، فلا يجب أن نفرط في هذه الفرصة ، وان نستفيد منها ونفيدها ، فالمصلحة المتبادلة هي جواز المرور بين البلدان .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.