السودان وحمدوك والفصل السابع

السودان وحمدوك والفصل السابع
  • 29 أبريل 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

طوال تاريخه وحتى ليل انقلاب الإنقاذ لم يصدر في حق السودان أي قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، بمجرد مجيء انقلاب الإنقاذ و ( عينك ما تشوف الا النور ) هطلت القرارات كالمطر من مجلس الأمن على السودان ، وصلت حتى مرحلة الفصل السابع الذي يتيح لمجلس الأمن استخدام القوة العسكرية لضمان تنفيذ قراراته .

يقرر مجلس الأمن التدخل بموجب البند السابع في حالات وقوع تهديد للسلم والأمن الدوليين . ونظام الإنقاذ كان بالفعل مهدد حقيقي للسلم والأمن الدوليين ، وبالتالي لا يشك أحد في صحة القرارات العديدة التي صدرت بحق النظام بموجب البند السابع . وللعلم فإن كثير من هذه القرارات صدرت بعد فشل الإنقاذ في الاستجابة لقرارات منظمة الوحدة الإفريقية( سابقا ) الاتحاد الأفريقي حاليا ، وبالتالي لا يمكن اعتبار أن قرارات الفصل السابع هي قرارات غربية اوربية تستهداف السودان للنيل منه .

بداية القرارات الأممية كانت بعد حادثة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في اثيوبيا عام ١٩٩٥ ، ورفض الإنقاذ تسليم المتهمين الثلاثة المطلوبين الذين فروا الى السودان ، ثم توالت القرارات لتفوق الخمسين قرارا، وأكثرها جاء بعد اندلاع حرب دارفور ، هذه القرارات مثلت الباب الذي دخل به قرابة ٣٠ الف جندي دولي فوق أرض السودان ، وهو عدد يفوق بمراحل عدد جنود الجيش الانجليزي الغازي للسودان في حملة كتشنر عام ١٨٩٨ .

في فبراير الماضي مدد مجلس الأمن ولاية لجنة الخبراء التي تراقب العقوبات والصراع في دارفور لمدة عام بموجب الفصل السابع ، وهذا التمديد جاء بناءا على تقييم يفيد بأن الحالة السودانية مازالت تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين . وهو تمديد لم يراعي التغيير الثوري الذي حدث في السودان ولا يستوعب الحوار الذي يجري مع حركات الكفاح المسلح في دارفور من اجل السلام ، بينما قد يتماشى القرار مع حقيقة أن السلام لم يحدث بعد وان النازحين واللاجئين مازالوا في معسكراتهم وان التهديدات مازالت ممكنة، وهي ربما الرسالة التي تكيف معها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في تقييمه للواقع ، ونفذ عبرها إلى حقيقة أن قوات الأمم المتحدة وخبراءها موجودين في السودان لسنة قادمة بموجب الفصل السابع ، وبالتالي عمليا ليس ممكنا سحبهم في مدة قصير ، ولكن يمكن البحث في تغيير وصف هذه البعثة من الفصل السابع إلى الفصل السادس ، من الحل العسكري إلى الحل السلمي .

العالم لم يعد كالسابق، الحديث والخوف من احتلال دولي يبدو غير علمي وغير دقيق ولا يستبصر الواقع العالمي الراهن ، الذي لا ترضى فيه الدول ولا الشعوب بالاحتلال ولا باختراق سلطات الدول بلا مسوغ حقيقي ينال تصويت ورضا غالبية دول العالم في الأمم المتحدة .

طلب رئيس الوزراء لا ينطوي على طلب قوات احتلال ، فالقوات الدولية اصلا موجودة بالسودان وتملك كامل الحق في التدخل العسكري داخل اراضينا بموجب الفصل السابع ، فإذا كان طلبها تحت الفصل السادس احتلال فماذا يعتبر وجودها لسنوات عديدة فوق أرض السودان بموجب الفصل السابع ؟!! طلب حمدوك في جوهره هو الاستفاده من خبرات قوات الأمم المتحدة في عمليات السلام وبناء السلام ومراقبة عمليات بناء الديمقراطية وترسيخ حكم القانون والدستور ، ام تريدون ان تقوم بهذه المهام قوات الدعم السريع ؟! الرافضين لمجيء هذه القوات هم كمن انطبق عليهم المثل ( جوا يساعدوه في دفن ابوه ، دس المحافير ) .
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.