إهتمام مصري بالسودان

إهتمام مصري بالسودان
  • 02 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

ترمي مصر بثقلها هذه الأيام من أجل تطوير علاقة وشراكة استراتيجية مع حكومة السودان، لا تنفك الوفود تترى، فالاهتمام المصري بالسودان بات واضحا جدا، وقد لا يغيب عن نظر الكثيرين ارتباط هذا الاهتمام بملف سد النهضة الذي يمثل لمصر مسألة قومية في غاية الأهمية، فمصر كما قال هيرودوت ( هبة النيل ) ولا يمكن لها التسامح مع ما يمس نهر النيل الذي يهبها الحياة.

علاقة السودان ومصر علاقة أذلية والشراكة بين البلدين تاريخية ومتجذرة وتربط بين البلدين علائق قوية وروابط الدم واللغة، ولا تمثل مصر جارة جغرافية للسودان فقط وانما هي كما ناداها الفنان عبدالكريم الكابلي( مصر يا أخت بلادي يا شقيقة، يا رياضا عذبة النبع وريقة ) . وتمثل فترة المخلوع فترة حالكة السواد في العلاقات بين البلدين وصل فيها الأمر إلى مرحلة محاولة اغتيال رئيسها مبارك. كذلك الأمر بالنسبة لاثيوبيا الجارة التي يجمعنا معها الكثير وتمثل لبلادنا صديقة ابدية، وليس ببعيد موقف رئيسها أبي أحمد مع ثورة ديسمبر. على ذلك فكلا البلدين مهمين لنا ويهمنا كذلك النيل الذي يربط ثلاثتنا، ويهمنا الاستقرار وامن المنطقة في ظل أزمة السد الحالية.

أزمة سد النهضة كما تمثل للجارتين فهي تمثل كذلك للسودان مسألة امن قومي، وبعيدا عن التعقيدات التي تواجه المفاوضات، فإن السودان تعامل كما يبدو كأنه ( الحجاز ) بين مصر واثيوبيا ( المتعاركتين) بينما الحقيقة أن السودان سيتأثر كذلك بهذه الأزمة بصورة جادة، ومع ضرورة استخدام وسطيته لحل الأشكال فعليه أن لا يقدم نفسه كبش فداء لحل القضية وترضية الطرفين، بل عليه أن يفاوض بشراسة من أجل أمنه المائي، فالسودان كذلك هبة النيل ويمثل النيل الأزرق له مصدرا أساسيا لمياه الشرب والزراعة وإنتاج الكهرباء.

وزير الري في الحكومة الانتقالية هو وزير حديث حداثة حكومته وهذه القضايا يلزمها البعد التاريخي والأثر الممتد لذلك نطمع في الكوادر المعتقة والتاريخية في وزارة الري والموارد المائية ان يكونوا خير سند للوزير في هذه المهمة، كما يمكن الاستئناس بآراء الخبراء في السياسة وعلماء المناخ والجيولوجيا والهندسة وكل الاقسام العلمية ذات العلاقة بهذه القضية، من أجل ان يطور السودان مفهوما قوميا راسخا لقضية مياه النيل يتم من خلالها وضع إطار اني واستراتيجي لما يمكن أن ينشب من نزاعات وسبل تفاديها وسبل تعزيز التعاون بين دول حوض النيل بما يجعل الجميع ( سعداء ).

الكثيرون يتحدثون عن ان الحرب العالمية القادمة هي حرب المياه، لا يمكن استبعاد هذا، ولكن الحرب دوما تكون بسبب انغلاق آفاق الحلول، الحل لقضية مياه النيل لا يجب ان يكون تقسيميا للمياه فقط وكأنها سلعة و ( حقي وحقك ونصيبي ونصيبك ) بل الأفضل أن يتوسع الحل لما يحقق الفوائد المرجوة لجميع الأطراف عبر التعاون المشترك والشراكات في الكهرباء والزراعة ومياه الشرب، الاستفادة من سواعد البلاد الثلاثة المختلفة في تكامل لإكمال النقص عند بعض قد يفرغ قضية سد النهضة من شحنها وتوترها ويجعلها قضية سهلة وميسرة للحل، الانغماس في تفاصيل قسمة المياه فقط وتناسي غيرها قد يقود إلى التوتر والحرب وهي ما لا يرجوه احد وما لا يقدم اي فائدة لأي طرف وسيغرق المنطقة في المجهول ويخسر الجميع.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.