محافظ مشروع الجزيرة في إفادات صريحة لـ “التحرير”: مستقبل مشرق للمشروع تقوده البحوث العلمية وتوظيف التقانات

محافظ مشروع الجزيرة في إفادات صريحة لـ “التحرير”: مستقبل مشرق للمشروع تقوده البحوث العلمية وتوظيف التقانات
  • 03 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

خاص- التحرير

اﻷثر العظيم لثورة الشعب يتجلي في عودة مشروع الجزيرة بوصفه أهم مشروعاتنا القومية الرائدة

عازمون علي اﻹصلاح وإعادة نظم المشروع اﻹدارية والحقلية لوضعها الطبيعي

استرداد 13 محلجاً للمشروع وعودة الهندسة الزراعية واستعادة ورش في الحصاحيصا ومارنجان

لجنة لمعالجة حقوق الملاك وتأسيس علاقة مفيدة لمصلحة الوطن

جهود مقدرة من وزارة الري ﻹعادة تأهيل القنوات وشبكة الري الانسيابي

حاوره: محجوب الخليفة

مقدمة ضرورية للغاية:

مشروع الجزيرة أكبر المشروعات الزراعية ذات الري اﻹنسيابي علي مستوي العالم، وهوالمشروع الذي جاءت فكرته من المستعمر اﻹنجليزي في العام 1925م؛ ليكون مصدراً لتزويد مصانع النسيج في لانكشير ويوركشير في إنجلترا بالقطن.

وقد كان سهل الجزيرة المنبسط، والتربة الخصبة، وإنشاء خزان سنار حافزاً لشق قناة رئيسة من سنار (ميجور كنال) لتصميم شبكة فريدة للري الانسيابي، ومن ثم قيام أضخم المشروعات الزراعية في العالم، وليكون مشروع الجزيرة عماداً اقتصاد السودان لما يوفره من أموال ضخمة للخزينة العامة، وأن يكون مصدراً للدخل لقطاعات كبيرة من سكان السودان، ثم أنه أصبح قبلة استقبال عمالة حتي من دول الجوار، بل إن المشروع امتلك كثيراً من اﻷصول الثابتة والمتحركة داخل وخارج السودان، وهذا ما اهله ليكون ضامناً لعمليات استخراج البترول السعودي عند تدشين شركة أرامكو العالمية لعمليات التنقيب هناك.

ولكن تعرض المشروع الذي تبلغ مساحته 2.2 مليون فدان أي مايعادل 917 ألف هكتار للتخريب المتعمد، الذي طال نظمه اﻹدارية والحقلية، وتدمير ممتلكاته وبيع كثير من أصوله اﻷساسية بعد تطبيق قانون 2005م، وما ترتب عليه من آثار أضرت باﻷرض والمزارع واﻹدارة.

يستشرف مشروع الجزيرة اﻵن مرحلة جديدة بعد اندلاع ثورة شعب السودان العظيمة، إذ حرصت الحكومة الانتقالية أن تكون استعادة مشروع الجزيرة لمكانته، واسترداد ممتلكاته، وعودة نظمه اﻹدارية والحقلية لما كانت عليه قبل التخريب هدفاً مهماً مثلما كان السلام، ورفع الحصار، وإعادة السودان؛ ليكون دولة ذات سيادة ووجود فاعل في منظومة دول العالم.

استطعنا وبصعوبة إجراء هذا الحوار المتحرك مع محافظ مشروع الجزيرة الذي يمارس عمله ميدانياً يطوف بأقسام المشروع، ويقف علي تنفيذ خطوات اﻹصلاح، وما يبذله المزارع في الحقل.
دكتور عمر مرزوق ورغم ضخامة مسؤوليته ومشغولياته المتصلة كان صريحاً، وهو يجيب عن اسئلتنا، التي نضعها امامكم لنتعرف إلي المرحلة الجديدة والمستقبل الواعد الذي ينتظر المشروع، والمزارع، واﻹدارة، وما يمكن أن يحققه للوطن من فوائد لا تحصي.

تعرض مشروع الجزيرة ﻹهمال متعمد أفقده كثيراً من نظمه اﻹدارية المحكمة، وتعرضت أصوله الثابتة والمتحركة للتدمير والتخريب والبيع؛ ليصبح المشروع في أضعف حالاته، والسؤال: من أين تبدؤون برنامج اﻹصلاح؟ ياتري من الحقل أم من إعادة بناء نظم اﻹدارة أم من محاسبة المتسببين في دمار المشروع وإعادة ممتلكاته المنهوبة؟

فعلا تعرض مشروع الجزيرة للدمار في اﻹدارة والحقل، وبرنامج اﻹصلاح يشملهما معاً؛ ﻷنهما متلازمان، فلابد من إصلاحهما سوياً. سنبدأ في إصلاح الري، والبنية التحتية في الغيط، مع هيكلة المشروع. كما أن هناك لجنة كونها النائب العام لحصر أصول المشروع، وإعادة ممتلكاته، ومحاسبة المتسببين في تدميره، وهي لجنة نشطة تعمل اﻵن في استعادة كل ممتلكات المشروع، فاﻷثر العظيم لثورة الشعب يتجلي في عودة مشروع الجزيرة بوصفه أهم مشروعاتنا القومية الرائدة.


إذا كان برنامج إصلاح المشروع يمضي متلازماً في اﻹدارة والحقل والري، ومحاسبة المعتدين على المشروع، واستعادة ممتلكاته المنهوبة، فكيف تصلحون اﻹدارة بعد ذهاب الخبراءوالكوادر المؤهلة؟ ثم كيف تصلحون الري، وقد تغيرت مستويات القنوات، وما هي كيفية إصلاح الحقل مع عائق حقوق الملاك؟

أولاً الكوادر متوافرة، فقد جرت إعادة بعض الكودار والخبراء المفصولين من المشروع، كما متاح لنا ااستعانة بالخبرات المؤهلة في مختلف المجالات من الخارج، ومن الخريجين، حسب احتياجات المشروع من تلك الخبرات. بالنسبة إلى الري، فقد حدث تخريب وتدمير كثير، ولكن اﻵن شرعت وزارة الري في إعداد خطة ﻹعادة تاهيل الري وصيانة القنوات، وكل شبكات الري بالمشروع، أما فيما يتعلق بالملاك، فليس هناك مشكلة، ولا يوجد خلاف، فالملاك لهم ما يعادل 42% من مساحة المشروع، ولهم قيمة إيجارية سنوية متأخرات إيجار، وقد تم تكوين لجنة لمعالجة حقوق الملاك، ودفع مستحقاتهم، ومن ثم الاتفاق علي قيمة إيجارية تناسب الواقع، وليس هناك تصرف، أو ما يعيق العمل، وحركة اﻹنتاج داخل المشروع.

هل من الممكن عودة اﻹدارات والوحدات اﻷساسية والمهمة في مشروع الجزيرة، مثل: الهندسة الزراعية، والمحالج، والورش، وسكك حديد الجزيرة، والتفاتيش، أم أن هناك خططاً ﻹيجاد بدائل متقدمة أو أكثر تطورا؟

بدأنا بحمد الله باستلام المحالج بعد استعادتها، فقد تم تسليمنا 13 محلجاً في الحصاحيصا ومارنجان، كما قامت اللجنة بتسليمنا عدداً من الورش، أما الهندسة الزراعية، فقد بدأنا بشراء عدد من الجرارات واﻵليات، وستعود الهندسة الزراعية لنشاطها بإذن الله، وهي تحتاج إلى ميزانيات لشراء المزيد من اﻵليات، أما سكك حديد الجزيرة، فتلك قد انتهت تماماً، ولم يعد لها وجود، فقد أُزيلت بالكامل، ولا سبيل لعودتها في الوقت الراهن.

كان القطن المحصول الرئيس في خارطة المشروعات الزراعية، ولكنه لم يعد كذلك بعد ذهاب اﻹنجليز، وتعاقب الخبرات السودانية علي إدارة المشروع، فهل من الممكن عودة القطن ليتصدر المحاصيل الزراعية بالمشروع أم ان هناك خارطة محصولية جديدة ستظهر لتواكب متطلبات السوق العالمي، علماً بأن هناك تجارب ناجحة في إدخال محاصيل أخرى، مثل: القمح والسمسم وفول الصويا وغيرها؟

صحيح القطن كان يزرع بمساحات كبيرة تتجاوز 500 ألف فدان حسب الدورة الزراعية، ولكن بعد تطبيق قانون 2005 ترك للمزارع الحرية في زراعة أي محصول يرغب في زراعته، فتأثرت المساحات المزروعة قطناً، بل تقلصت زراعته. نحن نرغب في عودة القطن إلى صدارة المحصولات، بل نخطط لتصديره بعد الحليج، وااستفادة منه بعد إدخاله في صناعات تحويلية، ثم تصديره بعد استخلاص منتجات صناعية منه، كالمنسوجات، والزيوت، واﻷعلاف، وغيرها من مستخلصات. وقد طلبنا من السيد رئيس الوزراء أن تعيد الحكومة نظام تمويل زراعة القطن؛ حتي يعود للصدارة مرة أخرى. أما بالنسبة إلى المحصولات اﻷخرى، فالقمح موجود في الخارطة اﻹنتاجية، وسنعمل علي التوسع في زراعته حتي يتمكن السودان من الاكتفاء الذاتي، أما المحاصل الجديدة والواعدة، مثل: فول الصويا والسمسم، فستجد الرعاية وااهتمام طالما أنها تعود بالفائدة على المزارع وخزينة الدولة.


ما المساحة الكلية لمشروع الجزيرة بالفدان وبالهكتار؟ وما علاقة المشروع باﻷراضي المرتاحة (خارج الغيط)؟ وما أثر تمدد القرى والكنابي وتحويل جزء من مساحة المشروع امتداداً سكني لبعض القرى؟

مساحة مشروع الجزيرة بالفدان هي 2.2 مليون فدان، وهي تعادل 917 ألف هكتار، وطبعاً أي امتداد سكني داخل المشروع هو خصم علي مساحة المشروع، وهي تخلق لنا مشكلة مزعجة جداً، اما اﻷراضي خارج المشروع، وخارج الدورة، ولا علاقة لنا بها، ولن نعطيها ماءً حتي لاتؤثر في حاجة الدورة الزراعية للمشروع.

كانت لمشروع الجزيرة مساهمات واضحة في التنمية، وتدعم خدمات التعليم والصحة والنشاطات اﻹجتماعية الثقافية والرياضية وغيرها كافة، فهل من المنظور عودة هذا الدور؟

إذا استطعنا أن نعود بمشروع الجزيرة لينهض من جديد، واستطاع المشروع أن يستشرف مرحلة جديدة، ومستقبلاً مشرقاً تقوده البحوث العلمية والاستفادة من أحدث الوسائل، وتوظيف التقانات، وكل الابتكارات الحديثة، فإنه بالتأكيد سيعود ليقدم كل إمكانياته لتطوير الخدمات الضرورية، والمساهمة في دعم كل الأنشطة اﻹجتماعية.

تواجه مشروع الجزيرة معضلة انتشار شجرة المسكيت، وتمددها داخل الغيط، وقنوات الري، وكذلك انتشار نبات الرامتوك، بجانب اﻵفات اﻷخرى، مثل: الجراد والزرزور وغيرها من آفات، ما خططكم لمواجهة تلك اﻵفات؟

هناك نوعان من اﻵفات، آفات زراعية تقع مسؤولية مكافحتها علي إدارة وقاية النباتات بالمشروع، وسنعيد هذه اﻹدارة لتمارس نشاطها بالكامل قريباً، أما الزرزور والجراد فهي آفات تقع مسؤولية مكافحتها علي عاتق اﻹدارة القومية لمكافحة اﻵفات، اما بالنسبة لشجرة المسكيت والرامتوك فعلاً انتشرا بطريقة غريبة جداً، وتمددا في مساحات كبيرة، بل انتشرا حتي داخل قنوات الري، ويحتاج الأمر إلى جهود كبيرة لتنظيف المشروع من المسكيت والرامتوك، وذلك يحتاج الي تضافر الجهود، وإلى تمويل كافٍ ﻹزالتهما تماماً.

التعليقات مغلقة.