ابعدوا كمال كرار وكبلو

ابعدوا كمال كرار وكبلو
  • 06 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

بدأت تظهر بعض الانفراجات في أزمة الوقود مع دخول الوقود التجاري إلى السوق، وهي الخطوة الأولى في سلم رفع الدعم الكامل عن الوقود حسب سياسة الحكومة الانتقالية التدريجية في الخروج من السوق، وهو ما يسميه مجلس الوزراء ( ترشيد الدعم ). هذه السياسة الاقتصادية تجد معارضة حادة من قبل اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير والتي ترفض تماما أي رفع للدعم مهما كان صغيرا او كبيرا، تدريجيا او كاملا، وهذا الموقف فيه حدة غير موضوعية من ناحية وفيه وجاهة من ناحية أخرى.

غير الموضوعي في معارضة لجنة قحت الاقتصادية لسياسة الحكومة الاقتصادية هو رفضها المبني على الايدولوجيا لدى كثير من كوادرها وخاصة الشيوعيين، فكوادر الحزب الشيوعي يقوم جوهر انتصار الشيوعية لديهم على فشل الرأسمالية وانتهاءها إلى سيادة العمال، وهي عقيدة ايدولوجية يعمل لها كل شيوعي ويسعى جاهدا من من أجل إثبات فشل الرأسمالية ولو كانت مبرأة من كل عيب، فالايدولوجيا تذهب العقل وتقتل الموضوعية.

لذلك دفاع لجنة قحت الاقتصادية في مواجهة موازنة الحكومة يضعفه وجود الكوادر الشيوعية على رأس هذه اللجنة، فالحزب الشيوعي يعارض فكرة اقتصاد السوق ولو نجحت وفرشت الأرض ذهبا لسكان السودان، هو يرفضها برمتها ولا ينفك يهاجم في كل محافله ( الرأسمالية الطفيلية) و يردد كوادره وهتافييه في كل محفل قول شاعرهم (  درن الأيدي العمالية، أنضف من لسنات الفجرة  ودين الدقن الشيطانية، ومن كرفتة البنك الدولي وكل وجوه الرأسمالية )، هذا الخطاب المعادي مبدئيا لفكرة اقتصاد السوق من حيث الفكرة وليس بناءا على النتائج هو الذي أضعف موقف قحت الاقتصادي وافقدها تعاطف الجماهير رغم محاولاتها المتكررة وصف سياسة الحكومة الانتقالية الاقتصادية بأنها سياسة النظام البائد. لذلك ابتداءا هناك حوجة لظهور وجوه جديدة غير كمال كرار وصدقي كبلو كمترافعين عن سياسة قحت الاقتصادية، فهذا الثنائي يهزم فكرة قحت من حيث ظن أنه يقويها.

من الناحية الثانية هناك وجاهة في موقف لجنة قحت الاقتصادية ضد سياسة السوق وحزم الإصلاحات التي أوصى بها البنك الدولي تتبدى في غياب المؤسسات القوية والقانون الفعال اللذان يضمنان لهذه الإصلاحات الاقتصادية فرصة التطبيق الصحيح، فالدولة السودانية مازالت دولة ضعيفة المؤسسات غير قادرة على كسب الثقة في قراراتها وغير سريعة في رد الفعل تجاه الأزمات والمشاكل التي يعايشها المواطن السوداني المأزوم، وهو ما يتمظهر في عدم قدرة مؤسسات الدولة الراهنة على فرض القانون وفرض هيبة الدولة وهما أهم أركان مهام الدولة التي اذا عجزت عنهما فلا وجود للدولة، كمثال على ضعف الدولة وضعف هيبتها: تم إغلاق كبري المنشية لحوالي سبعة أيام من أجل إجبار الحكومة على اتخاذ قرارات قانونية رادعة في مواجهة مقتل مواطن!!

الدولة القوية الفعالة قانونيا ومؤسساتيا تمنع وقوع الجريمة عبر عمل مؤسساتها الاستباقي وقانونها الوقائي، او اذا وقعت الجريمة تتخذ بسرعة القرارات الصارمة المتوافقة مع عظم الجرم مما يطمئن الجماهير ويكسبها الثقة ويبث الرعب في قلوب المجرمين، وهذا هو الدور الأهم في الدولة الحديثة، ودولتنا بعيدة عنه، والامثلة كثيرة على ضعف الدولة في بلادنا وانشغالها بقضايا واشياء هي ليست من أولويات الدولة، لذلك دولة ضعيفة المؤسسات، منزوعة الهيبة، ومفتقرة لتطبيق القانون بحسم وسرعة، ليس في مقدورها العبور بسياسة اقتصاد السوق، وهذا هو الجانب الوجيه الذي يجب أن تدفع به قحت بدل ان تتحدث عن سقوط الرأسمالية التي تتلألا في دول الغرب ذات المؤسسات القوية والقانون النافذ المهيب.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.