تطورات إيجابية تدعم التحول الديمقراطي المدني

تطورات إيجابية تدعم التحول الديمقراطي المدني
  • 14 مارس 2021
  • لا توجد تعليقات

مهندس: عمر البكري أبو حراز



يبدو أن التحول الديمقراطي والحكم المدني في السودان قد بات واقعاً مدفوعاً بقوة من عدة جهات خارجية، وذلك حسب المؤشرات والتطورات المتسارعة في الأيام القليلة الماضية:
أولاً: النشاط الجاد لرئيس بعثة الأمم المتحدة مستر فولكر ومقابلته لكبار المسؤولين، وحثهم على إكمال مقومات الحكم الإنتقالي المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية مثل تكوين المجلس التشريعي وضرورة إشراك الشباب والنساء بنسب مقدرة.. الإسراع في تنفيذ عملية الدمج والتسريح لأفراد قوات الحركا ت المسلحة والدعم السريع، وتكوين جيش قومي واحد بعقيدة جديدة تتمثل في حماية الأرض، الحدود، المواطنين والتحول الديمقراطي والحكم المدني، وقد رفع فولكر نتائج تحركاته الأخيرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير ضاف ذكر فيه إشادة بتكوين حكومة سياسية مناسبة بديلة لحكومة التكنوقراط الماضية، وذكر فيه أيضاً دخول قيادات الحركات المسلحة في المجلس السيادي وتوسيع الحاضنة السياسية بإبدال الحاضنة السابقة (قحت) بمجلس الشركاء الذي يضم كل قيادات الحركات المسلحة والأحزاب السياسية الأخرى، وختم تقريره بقوله: التحول الديمقراطي في السودان لن يتحقق بوجود ثلاثة جيوش، ودعا مجلس الأمن لزيارة السودان في أقرب فرصة.
ثانياً: تبدي أمريكا اهتماماً غير مسبوق بالشأن السوداني إضافة إلى الزيارات رفيعة المستوى للسودان في الأشهر الماضية، المتمثلة في زيارة وزير الخارجية والخزانة السابقين ومديرة بنك الإستيراد والتصدير الأمريكي، وكذلك مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قالت في تقرير لمجلس الأمن خلال مؤتمر عبر الفيديو في مجلس الأمن خُصّص للسودان: (مضت 6 أشهر منذ توقيع اتفاق سلام جوبا بين الحكومة الإنتقالية المدنية والمجموعات المتمردة) وأضافت: (رغم ذلك لم ير الشعب السوداني التزام الأطراف الموقعة الضروري لهذا التقدم)، وأضافت في كلمة شديدة اللهجة: (آن الأوان ليأخذ السودان تدابير أساسية ليؤكد بوضوح تمسكه باستقرار البلاد على المدى البعيد). وتابعت: (إن على السودان أن ينهي تشكيل مجلس تشريعي انتقالي جامع يضم 40% من النساء على الأقل، وعليه تشكيل القوى الأمنية اللازمة في دارفور- مذكرة بهجوم وقع في دارفور في يناير تسبب في سقوط 163 قتيلاً ونزوح 50 ألف شخص)، وتابعت إن على السلطات السودانية إقامة دولة قانون وآليات أخرى للعدالة الإنتقالية بما في ذلك محكمة خاصة للجرائم المرتكبة في دارفور.. وقالت: وفي هذه المرحلة الإنتقالية على الحكومة السودانية تحمل كامل مسؤوليتها في حماية المدنيين، وللسودان خطة شاملة لحماية كافة المدنيين في البلاد لكن الخطة مجرد حبر على ورق ولا تفيد إلا في حال تم تطبيقها).
ثالثاً: زيارة وزير الخارجية البريطاني الأخيرة للسودان في يناير وتأكيد دعم بريطانيا للتحول الديمقراطي، والمساهمة في الدعم المباشر للمواطنين المتأثرين برفع الدعم وتحرير سعر الصرف، إضافة إلى الدور الكبير الذي قام ويقوم به السفير البريطاني في الخرطوم منذ الإعتصام حتى اللحظة.
هذه الثلاث نقاط تؤكد تعاظم اهتمام المجتمع الدولي بالشأن السوداني والحرص على سلامة السودان في أمنه واستقراره في حكم ديمقراطي مدني مستدام، وتؤكد جديته في التدخل لحسم كل ما يعوق أو يعطل التحول الديمقراطي المدني. واضح من هذا الاهتمام أن المجتمع الدولي له مصالح آنية ومستقبلية في السودان تحتم عليه وضعه في أولويات سياسته، وهذا بالطبع يفيد السودان ويضمن استقراره سياسياً واقتصادياً وأمنياً مما يجعله في وجه جديد قوي تعم فائدته كل المواطنين السودانيين.
رابعاً: على الصعيد الإقليمي فإن الزيارات الأخيرة المتبادلة بين مصر والسودان خاصة زيارة الوفد العسكري المصري الرفيع، والتي أعقبتها زيارة الرئيس المصري السيسي للسودان الأسبوع الماضي وزيارة رئيس الوزراء السوداني د. حمدوك يوم الخميس الماضي إلى القاهرة، والإستقبال الحافل الذي قوبل به، كلها زيارات تؤكد فتح صفحة جديدة من العلاقات السودانية المصرية قوامها المصالح المشتركة والإحترام وخصوصية العلاقات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. هذه الزيارات تؤكد وقوف مصر مع السودان عسكرياً وأمنياً في حالة تعرضه إلى أي تدخلات أو مواجهات عسكرية في أي من حدوده خاصة الشرقية، وتشير الزيارات أيضاً إلى اتساق وتناغم الموقف السوداني المصري فيما يتعلق بأزمة سد النهضة الأثيوبي.
خامساً: زيارة رئيس الوزراء د. حمدوك الناجحة للمملكة العربية السعودية والاستقبال الحار من صاحب السمو الملكي وولي العهد محمد بن سلمان، وإعلانه الدعم العاجل للسودان لرفع معاناة المواطنين ودعم الاقتصاد عاجلاً وآجلاً- عاجلاً دعم عيني ومادي فوري، وآجلاً قراره بإنشاء صندوق استثماري تساهم فيه المملكة بثلاثة مليارات من الدولارات لتنفيذ مشاريع في السودان في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية وخلافها. تفاعل صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان يصب في اتجاه الحكومة المدنية الإنتقالية وتقويتها، وبذلك استفاد السودان من تباين بسيط جداً في مواقف السعودية ودولة الإمارات من الحكم المدني في السودان.. الموقف السعودي الأخير بعد الزيارة يتكامل مع الموقف الدولي في الأمم المتحدة، أمريكا والإتحاد الأوروبي وكلها مواقف وسياسات في صالح السودان وتأميناً للتحول الديمقراطي المدني، وتقوية الاقتصاد السوداني بانتشاله من وهدته الحالية واستدامة قوته بمشاريع استثمارية ضخمة، واستغلال مثالي لثرواته الهائلة في الزراعة، الثروة الحيوانية، التعدين والبترول وفق سياسات محترمة مبنية على المصالح المشتركة.. وأيضاً في كل تلك التحولات الدولية والإقليمية ضمان لسلامة أمن واستقرار السودان في حدود آمنة ونهضة تنموية هائلة تغير صورة السودان من رجل أفريقيا المريض، إلى رجل أفريقيا القوي المعافى أمنياً واقتصادياً وسياسياً في حكم ديمقراطي مدني مستدام.

التعليقات مغلقة.