الكلام بشأن طالبان قصيِّر جداً

الكلام بشأن طالبان قصيِّر جداً
  • 17 أغسطس 2021
  • تعليق واحد

د. بشير إدريس محمدزين

• في الثلاثين سنةً الآخيرة شهِدنا إنهيار أنظمة بطريقة دراماتيكية مشابهة تماماً لإنهيار العاصمة الأفغانية كابول، وذوبان الجيش الأفغاني فجأةً في حواريها، وتسنُّم حركة طالبان للأمر مجدداً !!
ليس هناك أي جديد فيما يحدث في أفغانستان الآن، فهذه دوراتُ الحياة المقضية، وحتمية تداول المُلك المكتوبة التي ينكرها الكثيرون !!

• الموووهم..إذا أرادت طالبان أن تعيشَ خارج العصر، كما فعلت في فترة حكمها الأول، وعمدت إلى معاداة كل العالم، وأرجعت شعبها إلى عصر الكهوف، وعلَّقتهم في المشانق، وأحرقتهم كما فعلت أولاً، فسوف تلاقي نفس المصير الأول، وسيتضافر العالم المتحضر كله ضدها، ويعزلها، وستجرُّ على شعبها الأهوال المهلكة، وستُسقط في النهاية..

• وأما إذا رضِيَت بهذا العالم، وتقبلت التعايش معه، وتحدثت لغته، وأندمجت فيه، وصالحته، وتبادلت معه المنافع، فستحكم حتى يقضي اللهُ في أمرِها ..

• إنَّ على طالبان أن تفهم أن العالم اليوم، وفي هذه الحقبة الزمانية التي نعيشُها، لن يدَعَك وحدك ولو إعتزلته جملةً واحدة، وعشتَ في قمم الجبال، وسوف لن يسكت هذا العالم (المتحضِّر) عن الفظاعات والإنتهاكات الإنسانية التي تُرتكبها الأنظمة ضد الشعوب، وإن تغاضى عنها إلى حين..
كما على طالبان أن تستفيد من تجربتها الأولى في بلادِها، ومن تجربتنا نحنُ في السودان، كتجربتين بائستين لتطبيق (نظام إسلاموي تشوُّقي) غير موجود إلا في خيالات المهووسين في النظامين..إذ عادينا نحنُ في السودان العالمَ كله مثلها، وخاصمناه، وعزلنا أنفسنا منه، وإعتزلناهُ، وأوهمنا شعبنا بالهتافات الكاذبة، والشعارات الفارغة، وكانت النتيجة ما نرى !!

• وعلى طالبان ألا تغتر بإجتياحها لكابول في غضون أيام وقد توقع الأمريكان له أن يتم بعد شهور، فالعالم بعد تجربة غزو أفغانستان الخاسرة، ليس محتاجاً بعد الآن لإسقاط أيِّ نظام آخر بالغزو وبذات الطريقة !!

• لقد نجحت تجارب الحصار فقط، ودون غيرِه، في الشرق الأوسط، نجاحاً باهراً، إذ أسقطت صدام حسين مع جبروته، والقذافي بعنجهيته، والبشير مع جهله وإستكبارِه.. وكلهم كانوا قادةً ورقيين، هُتافيين، واهمين، كذابين، غير واقعيين، ربما بإستثناء جزئي لصدام حسين !!

• إذا كان ثمةَ جماعة يحبون طالبان وحدَها، ولقد أصابهم الفرحُ الطفولي لإنتصاراتها، كونهم يبحثون عن أي فرح ولو من طالبان، فإنَّ عليهم أن ينصحوها أن تتحدث لغةَ العصر، وتعيش حياةَ العصر، وتتآخى مع معطيات العصر، وتندمج فيه، وأن الإنطباع الأول الذي ستتركه فترة حكمها في الشهور الاولى هي التي ستترك إنطباعاً نهائياً عنها لن تنمحِي صورته بعد ذلك بسهولة..
وأما إذا كانوا يحبون شعب أفغانستان المسلم فليدعوا له بأن يولِّي الله عليهم خيارهم، ويبعد عنهم شرارهم، ونخشى أن من شِرارِهم طالبان..
وليس من شئٍ أشرَّ في تجربةِ الحُكم من التدجيل باسم الدين والتمظهر بأثواب خاوية مهترئة بإسمه ..

نقطة سطر جديد

•••

رد واحد على “الكلام بشأن طالبان قصيِّر جداً”

  1. يقول آدم جاروط خميس:

    أعتقد أنه ما في عالم متحضر بالفهم الصحيح و لكن هناك عالم و بل عوالم تتصارع فيما بينها بإستخدام ما عندها من قوة علي علي الضعفاء لتفرض قيمها و نموذحها في الحياة لذلك الصراع سيستمر بين الشعوب التي تريد أن تعيش حياتها وفقا لمعتقداتها و ثقافاتها… فاليوم الصراح مبني علي المصالح المشتركة و لكن مع وجود القوة الداعمة لإحدى الأطراف في عملية صياغة هذه المصالح المشتركة عليه نجد دول الإستكبار دائما كفة المصالح ترجح لصالحها و تأخذ نصيب الأسد من مكاسب هذه المصالح المشتركة… لو تعامل العالم بالمفهوم الطبيعي للعلاقات المشتركة لكانت هناك ثمار متكافئة فى العمليات المتبادلة بناءا علي إحترام كل في دائرة إختصاصه… لكن هل الدول مثل أمريكا لا تري قطبها المحوري تدور حوله مصالح الشعوب… من هنا تنشأ الصراعات التحررية… فطالبان لا تعيش خارج التاريخ بل لو تركت تصنع تاريخا قائما علي الهدي الرباني خاصة خلال العقدين القادمين ستنشأ دوائر الألحاد و المثلية الجنسية و الشذوذ الجنسي و تحطيم ثقافة الأسرة القائمة علي الأب و الأم و كذلك ربما سن قوانين تجيز الحشيش و أما المخدرات تصبح حربة شخصية… و هذه القيم تروج لها دول الإستكبار التي تدعي الحضارة و التحضر… فالحضارة هي معايير نسبية فقط تلك التي تصين الفطرة البشرية السوية..