حديث البرهان في حطاب
صدقنا وهو كذاب

حديث البرهان في حطاب <br> صدقنا وهو كذاب
  • 08 نوفمبر 2022
  • لا توجد تعليقات

عروة الصادق

• ما قاله البرهان اليوم في منطقة حطاب العملياتية، أمام حشود عسكرية ضمت ضباط وصف ضباط وجنود ليس بجديد، وقد رشحت به بعض التسريبات منذ الأمس، تهيئة للشارع السوداني والمراقبين الإقليمين والدولين، وخلاصة رسائل البرهان التي قال بها يكذبها الواقع:

• فقد قال أن الجيش السوداني لا حزب له ولا فئة ولا جهة، وهو يعلم علم اليقين أن آمر التنظيم للحركة الإخوانية عمر زين العابدين طليق اليد والحركة في يدخل ويخرج من كافة الوحدات والأسلحة والفرق ومنظومة الصناعات الدفاعية ويجتمع بالضباط كيفما ووقتما شاء، بمن فيهم جنرالات في القصر الجمهوري، والقيادة العامة.

• أما إطلاقه تحذيرا للذين يريدون التواري خلف الجيش رغم تخصيصه بالذكر الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، فهو حديث مكرر قاله بنفس الطريقة حينما احتد الخلاف بينه وبين المدنيين في الحكومة الانتقالية، وهو ما يعني أن هنالك خلاف ما بينه وبين الإسلاميين، ولكن المدهش أن هؤلاء المنتسبين للحركة والتنظيم يتخذون من مؤسسات الجيش حماية لاجتماعتهم ومقرا لتنظيماتهم في برج الاتصالات ومقر شركة زادنا وغيره من مقار منظومة الصناعات، وأندية القوات النظامية، بل تتعاون أجهزة الاستخبارات المركزية والولائية بصورة مباشرة مع الفلول وتحمي أنشطتهم عبر غرف لا تخفى على البرهان.
• صرخ البرهان صائحا وموجها الإسلامويين رفع اليد والأقلام، عن الجيش السوداني وهو الذي مكن صحيفة القوات المسلحة من لحى الإخوان وتنظيم الجبهة الإسلاموية، وصارت الحزب السياسي الناطق باسم البرهان طوال الفترات السابقة واتخذ كتابها ورئيس تحريرها وإذاعات القوات المسلحة من تلك الوسائط منصات إخوانية بامتياز تنال من القوى السياسية المناوئة للإنقلاب، دون أن يوجهها البرهان برفع يدها عن الشعب السوداني وقواه الحية التي وصفها البرهان بالوطنية والمسؤولية.

• ردد البرهان مقولة ظلل يصيح بها الشهداء في الشارع السوداني بأن قال “نحن جيش السودان”، ولم يستطع أن يكمل المقولة بأن الجيش ما جيش الكيزان، وهو يضمر إكمالها في حناياه، ولكنه يوقن أن التفكيك الأخير لجنرالات القوات المسلحة طال عدد من الكفاءات غير المؤدلجين أو المنتمنين للتنظيم والحركة بل فيهم مهنيون قمة الإنضباط والنزاهة والدعم للاستقرار والمدنية والإيمان بالديمقراطية ولكنه أحالهم إلى التقاعد ليفسح المجال لجنرالات الإخوان المعمدين من عمر زين العابدين.

• أما الحديث عن زيارة بعض الشباب من القوى السياسية، ففيه خبث ليس بجديد على البرهان، وترك الحبل على الغارب ليتوهم الجميع أن هنالك فئات سياسية تسهر وتنادم البرهان سرا، وترك الأمر معمما ليوسع دائرة التشكيك في القوى السياسية التي حددت موقفها من العملية السياسية ورسمت ملامح الانتقال السياسي بوضوح وسلمته للرباعية والثلاثية ولعامة الشعب السوداني.

• في ذات الأوان أراد البرهان أن يكسب بعض النقاط والثقة من قوى المعارضة حينما قال: ” لم نلمس منهم إلا الوطنية والشعور القومي” ، وهم ذات القوى السياسية العميلة الفاشلة التي وصمها بالإنفراد بالقرار وزجها في السجون ووصمها بالخيانة، وبقوله هذا يريد أن يجد تعاطفا يحقق له بعض رغباته الوقائية من المساءلة والمحاسبة التي لا تملك القوى السياسية أمرها، وليته تقدم بجراءة ليطلب ذلك الأمر من أسر الضحايا بعد اعتذاره وإقراره بالذنب وتصريحة بالإستعداد للمثول أمام أي منصة عدالة مرجووة.

• رغم ما في ظاهر الحديث من إيجابيات إلا أن الواقع والوقائع تكذب البرهان، فمنذ قرارات الإنقلاب في 25 أكتوبر تمت استعادة الحزب المحلول والحركة وتمكينهم من كل مفاصل الدولة، ولو كلف البرهان نفسه قليلا لوجد منسوبي الدفاع الشعبي والحركة والحزب وكتائب التنظيم وتحركات علي كرتي لا تبعد من مكتبه سوى أمتار قليلة، وهنا أستذكر قولي له حينما احتج على حديثي بأن مثواه سيكون كوبر، خاطبني قائلا: انت عايز تدخلني كوبر؟؟ فقلت حينها بحضور نائبه دقلو واللواء برمة والفريق ياسر العطا: “بأن كوبر ستكون نزهة لك يا سيادتك، وسيكون مصيرك الدروة ورصاصة في الجبهة حال عاد النظام المباد”، وما هذه الأحاديث إلا خوف من الإنقلاب القادم للإخوان.

• ختاما: رمى البرهان بكلمة مفتاحية وهي أنه لن يبصم على وثيقة تفكك الجيش السوداني، وهو يعلم علم اليقين ألا أحد لا ومؤسسة والشباب الثائرين يسعدون القوات المسلحة السودانية أو يرغبون في تفكيكها، بل بالعكس يريدون أن يجردوا تلك المؤسسة من العناصر الأيدلوجية وينظفوا صفوفها من الحزبيين، ويتركوا أمرها للمهنيين ليعملوا على تطويرها وفق قانون وأسس تراصف مثيلاتها في دول العالم المتقدم، وفي ذلك يعلم البرهان أن قطع الطريق أمام عمليات الدمج والتسريح والترتيبات الأمنية لتتوحد القوات المبثوثة في كيان قومي جامع واحد وهو الجيش السوداني الذي لا يشاركه في سلاحه مليشيا أو تكوين غير نظامي.

• إن للجيش السوداني قاعدة ذهبية خالدة تجلى فيها انضباطه والتزامه وهي: “البيان بالعمل”، فهذه الأقوال ستوضع في خانة المناورة والمراوغة السياسية لثعلب جيوش المنطقة “الماكر”، ما لم يتم إتباع هذا القول بعمل عاجل وفوري وهو إعلان التنحي عن الحكم والموافقة على إنهاء الإنقلاب وإبطال إجراءاته وقراراته، والإذعان لإرادة الشعب السوداني في تحقيق الحرية والسلام والعدالة والعدالة والعدالة.

انتهى

عروة الصادق

في 6 نوفمبر 2022م
البقعة

التعليقات مغلقة.