معكم

يا مغترب.. ابشر بالخير!!

يا مغترب.. ابشر بالخير!!
  • 01 يوليو 2017
  • لا توجد تعليقات

د.حسين حسن حسين

مسكين الشعب السوداني، فهو قليل البخت، لأن من يتولى مسؤولية إدارة شؤونه في المواقع المختلفة يخيل إليه أن هذا الموقع هو من بقية ورث أبيه يفعل به وفيه ما يشاء، فهو يعين الأقارب والمحاسيب بلا حساب، ويصرف بيمينه ما لا تعلمه شماله لا في الإحسان حسب ما يأمر رب العالمين، وإنما على البدلات والسفريات، التي يصطحب فيها من يستظرفهم ويخففون عليه دم الرحلة، لينتعش وينفش ريشه بما يسمعه من معسول الكلام حتى يتهيأ له أنه ملك الدنيا وما فيها.

والمغترب مصيبته أكبر، لأنه حجة للسفر وشد الرحال، وبذل المال من المال العام لمن يرحلون بدعوى حل مشكلاته في موقعه، تخفيفًا عليه حتى لا يكابد، فالمسؤول يأتيه إلى حيث هو موجود، والمفترض أن يكون المغترب موجودًا إما في ملعب كرة أو في حفلة، لذا البذل غير محدود لمن ينظمون الملعب، ولمن يرتبون القاعات، كل هذا من أجل عيون المغترب، ومن ثم عليه أن يكون مبسوطًا لأن مشكلاته تحل حيث الأنس والوجوه الحسنة والطرب الأصيل، ولا مانع من بعض بعض أغنيات البنات والأغاني الشبابية مسايرة للموضة وللتحول الديمقراطي، فمن منع أغاني الحب والغرام، إلى الإباحة المطلقة، حتى لا تحرم أي فئة من الانبساط، وعلينا أن نتقلب راضين حيث يتقلب من يحكمون ويتحكمون.

وما أن يحط المسؤول في أي بلد يجب أن يكون محور اهتمام الجميع، فلا يمكنك أن تهاتف سفيرًا ولا تسلم على خفير في السفارة، فالكل مشغول براحته، ولا مانع من تفويت بعض المال لأحباب المسؤول ليقيموا له من المهرجانات والكرنفالات ما يجعله ينتشي، ولا مانع من التحايل بلمسات تكريمية وشهادات بخمسة ريالات لبعض من يشعرون بنفوذهم لكسر العين، أو تشويه صورتهم أو لدق الأسفين بين الكيانات.

وهذه المظهرية واستعراض العضلات بقروش الشعب المسكين لا يجب أن يزعل أحدًا فكل شيء من أجل الوطن، وهل هناك مناسبات تستحق الصرف مثل المناسبات الوطنية، التي تعد فرصة للمغتربين للتعبير عن حبهم وعشقهم للوطن في حضرة المسؤول، الأقدر على اختبار مدى الوطنية في دم المغترب من هزة عصا أو ترنيمة حنجرة.

وتكتمل اللحمة الوطنية بمهاتفة مسؤول للمغتربين من أرض الوطن، ليقول لهم اصبروا وصابروا وادفعوا، ونحن سنزيدكم انبساطًا بمزيد من الاحتفالات، يعني فلوسكم (بترجع ليكم تاني) في صورة بهجة ومسرة.

والمسؤولون في الماضي كانوا يدورون في دول الخليج، أما السياسة الجديدة فتشمل الطواف على المغتربين في كل أرجاء الدنيا، حتى إذا كان هناك مغترب سوداني واحد في القطب الشمالي (سنصله)، ولشدة البرد لا بد أن ترتفع البدلات، لزوم شراء البدل الفرو، وكله يهون من أجل المغترب.

وإذا كان هناك مغتربون فروا من هؤلاء المسؤولين في أيام غياهب الجب، فإن هؤلاء يريدون أن يكفروا عن سيئاتهم، ويعيدونهم إلى حظيرة الوطن، بإقامة حفلات الأنس التي اعتادوها في حضرة المريدين، لعلهم يحنوا عندما يسمعون (يا وطني يا بلد أحبابي)، فمثل هذا الغناء الوطني كاف في ظن المسؤولين لتبرأ جروح الفارين المادية والمعنوية، وليتبرأوا من جنسياتهم الجديدة، أو يحملوا الاثنتين سويا (السودانية وغيرها) كما يفعل هؤلاء المسؤولون الوطنيون أنفسهم.

أيها المغترب.. ابشر بالخير، سوف يكون لك في كل مكان حيث أنت رابطة رياضية مدعومة، ومنظومة إعلامية مدربة على بث التفاؤل وترسيخ ثقافة (ارم قدام)، وهي ستظل على هذا الخط الوطني ما دامت إيجاراتهم مدفوعة وكاميراتهم مدورة لمن يدفع، ولمن لديه الرغبة أن يسلم على بابا وماما عبر شاشتنا القومية، ولا عزاء لمن يرتفع ضغطهم عندما يستمعون إلى من ينصبون المرفوع والمجرور، لأنه لولا النصب لما كانوا أصلا في مواقعهم.

التعليقات مغلقة.