مِداد حيَّويْ –دِسيس ( كان )

مِداد حيَّويْ –دِسيس ( كان )
  • 27 فبراير 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل


بعد الحُكم على المدعو دسيس مان بأربعة أشهر سجن مع الغرامة المالية ، بسبب التعدي اللفظي على نظامي وتهديدهُ بالفصل من الخدمة ، أصبح من الضروري أن يعلم القابعون في محطة (مشاكسة) الواقع المقبول وغيرالمقبول لما بعد الثورة أن موسم (فانتازيا) الثورة قد مضى أو على وشك أن يُعلن خروجه من خارطة (إدهاش) العامة ، دسيس مان كان (إكسسواراً) إستفاد ثوارُ القيادة العامة من شخصيته المتناقضة بين الوعي والبساطة في التعبير عن إنحياز الثورة وشعاراتها للبسطاء وعامة الناس ، كما عبَّر ذلك أيضاً عن التماهي غير المشروط مع (واقع الثقافة المجتمعية) السائدة في العاصمة والمدن السودانية الكُبرى ، وفي ذلك الأوان كان الأمر يبدو مناسباً ومتناسقاً مع ما يمكن أن نطلق عليه (الفوضى الخلَّاقة) التي صاحبت فعاليات الثورة والتي لم تكن تخلو بأية حال من الإيجابيات الفنية والإبداعية وإن لم تتناسب أشكالها ومضامينها مع المعايير الخاصة والأعراف العامة لدى المختصين وعامة الجمهور.

آن الأوان أن نؤمن سوياً بأن فعاليات الفوضى الخلَّاقة لما بعد الثورة قد وجب تاجيلها أو إيقافها ، أو على الأقل توظيفها في ما يمكن أن يفيد ما نحن فيه الآن من محاولات لإعادة الأمور إلى نصابها في كافة المجالات ، فـ (أيقونات) الثورة إن لم تستطع خلع دثار اللهث وراء تعظيم وتقديس (شكليات) الثورة وأحياناً سوءاتها لصالح دِثار البناء والتغيير على النطاقين الرسمي والمجتمعي ، علينا وبكل شجاعة وتجرُّد ْ إيقاف مفعولها (الأهوج) ومنعها من (التشويش) على المسيرات الجادة التي تستهدف الأفضل ،  ثم إسكاتها ولو إلى حين عن كل تعبير سلبي يمكن أن يستغله أعداء الثورة ضدها وضد أهدافها وشعاراتها وشخوصها.

إن لم تبادر القيادات والمنصات الإعلامية الوطنية الصادقة في إغلاق باب (الفوضى المُحبَّبة) التي ينتجها الكثير من الرموز الذين فرضت نجوميتهم (فوبيا الثورة) إبان إندياح الزخم العاطفي والمشاعر الوطنية المُتنامية من أمثال دسيس مان والكثيرين من الشعراء والفنانين والإعلاميين و(الأدعياء) ، لصالح عُلو صوت العقل ورفع راية الوعي الذي يُنبي عن إنتقال الثورة والثوار من مرحلة الهُتاف إلى مرحلة البناء والإصطفاف من أجل دعم المسيرة الديموقراطية ، فإن الثورة و شعاراتها و(الجادين) في دعمها و الوقوف خلفها سيكونون في خطر.

نحن لسنا ضد هؤلاء ولا ضد التقدير والإحترام لما قدَّموه بعفوية إبان إعتصام القيادة المجيد ، فقد كانوا حينها فاكهة الثورة ومُجدّدي ومُردَّدي شعاراتها وكانوا مثاراً لسعادة شبابنا بما عبَّروا به عنهم بلغة الشارع البسيطة  ، لكن لا يجب علينا السكوت على توقف قطار الثورة عند هذه المحطة ، لا بد لنا من إطلاق سراحه ليصل محطاته الأخرى ، بغير ذلك لن يوضع كل شيٍ في مكانه. 

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.