تشويش كيزان ساكت!

تشويش كيزان ساكت!
  • 30 يونيو 2020
  • لا توجد تعليقات

ياسين حسن ياسين


هل تتعرض مليونية الثلاثين من يونيو لاستهداف الكيزان؟

ليس في مستطاعهم عمل شيء يتجاوز الضوضاء الفارغة. فعندما كانوا في السلطة، لم يحسنوا سوى التهريج العبثي والرقص الاستعراضي والصياح الفاجر باسم الدين. ملأوا سماوات الناس بشعارات ذهبت جميعها أدراج الرياح، ولم تخلف إلاّ المرارة في حلوق الشعب. قالوا إن سد مروي سيكون رداً لأعدائهم لأن البلد سوف تكتفي من الكهرباء، بل ستصدرها قريباً. كان الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي رداً بليغاً على خسرانهم وبرهاناً قاطعاً على خيبة مسعاهم. كانوا مشغولين بالنهب وتقاسم المنهوب فيما بينهم، وكان التمكين ماكينة جبارة تؤمن لهم أكبر حصة من العائد. لم يفكروا أبداً في ضرورات الحكم الرشيد، ومزاياه. أنظر إلى سد النهضة الإثيوبي، لتعلم أن الأمم لا تنهض إلاّ بالحكم الرشيد الذي يستند إلى معايير النزاهة والصدق والإخلاص. فها هي إثيوبيا تصطف متحفزة لتنطلق بعزيمة نحو آفاق التقدم والرفعة، دون أي تهريج أو رقص أو صياح.

بالأمس، قال رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، في خطابه بهذه المليونية، «أننا قد نتعثر ولكننا لن نعود أبدا إلى الوراء». هذا الوراء المقصود به استئناف الإنقاذ كرة أخرى. وهو ما لا يرتضيه أبناؤنا في رياض الأطفال، ناهيك عن كبارنا الذين ذاقوا الأمريّن طوال ثلاثين سنة كالحة ضاعت من بين أيدينا عقاباً على إحسان الظن بهذه الجماعة الكاذبة المرائية.

الآن تقوم لجنة إزالة التمكين بعمل ثوري فريد من نوعه، إذ تكشف عن محاولات فلول الإخوان لتخريب ثورة الشعب. قبل ذلك بدأت بنصب مصيدة ماهرة للقضاء على القطط السمان من بين الإخوان. وفي هذا الصدد نفسه، تلاحق القيادي الإخواني، عبد الحليم المتعافي، وتدخله في «الفتيل»، متهمة إياه بممارسات فساد خلال فترة مسؤوليته سواء في عمله وزيراً للزراعة أو والياً للخرطوم.

المتعافي يمثل نموذجاً ناجزاً لفساد الإخوان المسلمين وبشاعة وشناعة ما اقترفوه من جرائم في حق هذا الشعب. فالرجل لا تأخذه في الباطل لومة لائم. أثناء توليه وزارة الزراعة، سأله الرئيس المخلوع في لقاء عام في الدويم عن تجربته في الزراعة كمستثمر، فتحدث عن حجم الأرباح الخرافية التي حققها من زراعة عشرة آلاف فدان، وقال إن سبب نجاحه يعزى لإدخال التقنيات الحديثة في مزارعه. بلا خجل ولا تفكير في النزاهة والمسؤولية، يجني أرباحاً لنفسه في وقت تتراجع فيه عائدات المزارعين في كافة أنحاء البلد ذلك العام تحديداً بسبب التقاوي والمبيدات المنتهية الصلاحية وانعدام التقنيات الزراعية حتى في المشاريع الرئيسة التي تغل دخلاً مقدراً للبلد وتمثل عتلة لنهوض اقتصادها، مثل الجزيرة والرهد والسوكي ودلتا القاش ودلتا طوكر وحلفا الجديدة، فضلاً عن ٢٣ مليون فدان من الزراعة المطرية.

شخص مثل هذا يجب محاكمته علناً ليصبح عظة لكل من تسول له نفسه ممارسة الفساد في حق شعب غلبان. كما سيكون من شأن هذه المحاكمة العلنية أن تفتح عيون الناس واسعة على كل من يحاول خداعهم باسم الدين.
وكم كان الشهيد محمود محمد طه (١٩٠٩ – ١٩٨٥م) ذا عقل ثاقب وحدس صائب عندما تنبأ واثقاً من مآل تجربة الإخوان المسلمين، ولم تكن قد حدثت عندئذ، إذ قال: «من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية. إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب مدى زيف شعارات هذه الجماعة».

وبمحاولة تخريبهم لهذه المسيرة المليونية، سوف يثبت الكيزان للناس عن مدى استحقارهم لمنفعة الوطن واستعلائهم لمصالحهم الضيقة واستحسانهم للشعارات الزائفة التي درجوا عليها…

لكن هيهات! وليعلموا أن هذا الشعب قادرٌ على تحمل الضائقة المعيشية مهما استفحل أمرها، طالما كان أمله فسيحاً في مستقبل قريب، مترع بالخير والحرية والديمقراطية والعدل للناس جميعاً دون أي تمييز.

التعليقات مغلقة.