جدولة كرامة!!

طيف أول :
تلك اللحظات التي شرحت تفاصيل كل شيء ليست قابلة للتأويل، هي تأتي فقط لتصنع الطريق وتخلق عالمًا كانت قد وصفته الكلمات!!
و زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إلى المملكة العربية السعودية ، لم تتم إلا لتكشف ضيق الأفق السياسي للمجموعة الكيزانية الحاكمة، وضحالة العقلية صانعة القرار في بورتسودان، فإن الزيارة العشوائية ، بعد إعلان بيان الرباعية لا تعني سوى أن الحكومة تعاني من نقص حاد في الفهم وقراءة المشهد السياسي، وعدم معرفة اتجاه البوصلة السياسية الدولية.
وكنا بالأمس قد تحدثنا عن أن إعلان مجلس الوزراء السعودي دعمه لبيان الرباعية وتأكيده على أنه ماضٍ في خارطة الحل الدولي، في ظل وجود كامل إدريس بالمملكة، أنهى فعليا قيمة الزيارة. ولكن الفلول لا يتعاملون إلا مع ما يحدث فعلا ويصبح واقعًا.
وذكرنا أن إعلان المجلس رسالة واضحة في بريد رئيس مجلس الوزراء، الذي كان يجب أن يفهم ما تريد المملكة قوله له. ولكن يبدو أنه، وعندما أدركت المملكة أن الرسالة لم تصله، وأن الوزراء الذين رافقوه في زيارته أيضًا يعانون من غياب النظرة والإدراك، لذلك ذهب وزير الخارجية السعودي إلى رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، وزاره في مقر إقامته، ونقل له تحيات قيادة المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.
ولكن أخطر ما جاء في اللقاء هو الاتفاق على “إعادة جدولة” الزيارة الرسمية المرتقبة لدولة رئيس الوزراء السوداني إلى المملكة العربية السعودية قريبًا، مع التأكيد على متانة العلاقات الأخوية والحرص المشترك على تعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين!!
وهذه تُعد “سابقة سياسية” توضح أن الوفد برئاسة رئيس الوزراء كامل إدريس قد سافر إلى المملكة بلا جدول أو برنامج، وبلا موافقة على الزيارة. فحكومة المملكة تقول بطريقة لطيفة إنها غير معنية بزيارة رئيس وزراء “يهبط عليها من السماء”، سيما في هذا التوقيت
الذي كان يجب أن تؤجل فيه الزيارة ولو كانت مجدولة ،ليس لصناعة موقف يحفظ للحكومة ماء وجهها، ولكن لتكشف عمقها السياسي والدبلوماسي في التعامل مع الأحداث والمواقف
وزيارة وزير الخارجية السعودي إلى كامل إدريس في مقر إقامته هي خطوة تعني “شكر الله سعيكم”، وأن زيارة الوفد السوداني يجب أن تنتهي هنا. كما تشرح الزيارة موقف المملكة من الحكومة السودانية الحالية، وتسلط الضوء على خلل في الأداء الدبلوماسي السوداني.
علمًا أنه وفي ذات التوقيت، استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، دولة رئيس الوزراء “الشرعي” في جمهورية باكستان محمد شهباز شريف استقبالًا يليق بالحكومات المعترف بها ، وعقدا معًا في قصر اليمامة بالرياض جلسة مباحثات رسمية بحضور وفدي البلدين، مما كشف عن ضعف الأداء السياسي والدبلوماسي لسفارة السودان بالرياض، فدور السفير هو تنسيق مثل هذه الزيارات، وكان يجب أن يكون متابعًا ولديه علم مسبق بأن رئيس وزراء باكستان سيزور المملكة في زيارة رسمية لتوقيع اتفاقية تعاون مشترك.
وهو تباين في التعامل يعكس بوضوح الفرق بين حكومة تحظى بشرعية دولية، وأخرى تحاول فرض نفسها عبر زيارات غير منسقة.
فما حدث للوفد السوداني يعني أن حكومة الحرب تسافر وتتحرك بلا خطة، وأن هذه الزيارة حجزت للحكومة مكانتها المتواضعة التي يجب أن تكف بعدها عن زياراتها الخارجية العشوائية، و(تلزم محليتها) .
وما حدث يؤكد أن الشرعية لا تُنتزع عبر زيارات خارجية أو فرض الأمر الواقع، بل تُمنح عبر توافق داخلي ودولي.
والحكومة السودانية، التي أرادت أن تحصد نقاطًا سياسية من هذه الزيارة، خسرت الكثير من رصيدها (إن كان لها رصيد). وعدم استقبال رئيس الوزراء رسميًا، والاكتفاء بلقاء في مقر الإقامة، لا يعني التوضيح بضرورة جدولة زيارة، بل يكشف عن ضرورة جدولة الكرامة!!
طيف أخير:
#لا_للحرب
أنباء عن اجتماع للجنة الرباعية الدولية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.