البرهان واستراتيجية “فزّاعات” الشرق الأوسط- قراءة في خطاب الدوحة

البرهان واستراتيجية “فزّاعات” الشرق الأوسط- قراءة في خطاب الدوحة
  • 24 سبتمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

زهير عثمان

في خطاب إعلامي لافت بالدوحة، أعاد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة،ترتيب أوراق المشهد السوداني عبر رسائل مشحونة بمفردات السيادة ورفض الوصاية الخارجية.خطابه جاء في أعقاب بيان “الرباعية” (السعودية، مصر، الإمارات، الولايات المتحدة) الذي حمل إشارات ضغط وتحذير حيال مسار الصراع في السودان.أولاً: التهدئة الدبلوماسيةالبرهان لم يغلق الأبواب مع الرباعية، بل سارع إلى التواصل مع ثلاث من دولها (السعودية، مصر، الولايات المتحدة) لتوضيح الموقف السوداني.رسالته بدت مزدوجة: طمأنة الداخل بأنه لا عزلة وشيكة، وإرسال إشارات للخارج بأنه مستعد للحوار دون التفريط في الموقف الرسمي. هذه المقاربة تعكس مسعى لشق الصف الإقليمي والدولي وتخفيف الضغوط.ثانياً: تفكيك “الفزّاعات”المصطلح الأبرز في الخطاب كان “الفزّاعات”، في إشارة إلى التهم التي تُستخدم كسلاح سياسي ضد الجيش.فزاعة الإسلاميين: البرهان دافع عن مشاركة إسلاميين في القتال باعتبارها “حق مواطنة”، نافياً أن يكون الأمر عودة لتحالفات الماضي. أراد بذلك سحب ورقة التشويه التي تربط الجيش بإرث نظام البشير.
فزاعة إيران: نفى وجود أي قواعد أو امتيازات خاصة لطهران، مؤكداً أن العلاقات معها طبيعية كغيرها من الدول. الرسالة كانت واضحة: لا تهديد لمصالح الحلفاء العرب أو للإقليم.
ثالثاً: رسائل مزدوجة
خطاب الدوحة لم يُوجَّه للخارج فقط. شعارات “السيادة” و”الندية” ورفض التحالفات التي تتعارض مع المصالح الوطنية، هي في جوهرها محاولة لتعزيز شرعية داخلية في لحظة سياسية تتطلب حشد التأييد الشعبي.
قراءة خطاب البرهان يمكن اعتباره جزءاً من معركة السرديات الموازية لمعارك الميدان. فهو:يسعى إلى تطبيع صورة الجيش بوصفه حامي الدولة والهوية الوطنية.يحاول تحييد الانتقادات الدولية عبر وصفها بأدوات ضغط غير موضوعية.يوجّه الأنظار بعيداً عن طبيعة الصراع الحقيقية، التي يراها مراقبون صراعاً على السلطة بين قوتين عسكريتين يدفع المدنيون ثمنه.
يقدم خطاب الدوحة صورة لبرهان الواثق بقدرته على إدارة الملفات الشائكة، لكن فعاليته ستظل مرهونة بمدى إقناع المجتمع الدولي بأن مشاركة الإسلاميين “حق مواطنة”لا عودة للتحالفات القديمة، وأن العلاقة مع إيران علاقة طبيعية لا تهدد الأمن الإقليمي. فالمعركة الدبلوماسية، تماماً كما العسكرية، لا تزال مفتوحة على احتمالات متعددة.

الوسوم زهير-عثمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*