زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة: إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط

زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة: إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط
  • 17 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

محجوب إبراهيم الخليفة

🔹في زيارةٍ تُعدّ واحدةً من أهم المحطات الدبلوماسية في العقد الأخير، يصلُ وليّ العهد السعودي، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة حاملاً ملفاتٍ تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط، وتعيد ترتيب الموازين الدولية في لحظة هي الأكثر حساسية وتحوّلاً منذ عقود. فليست هذه زيارة بروتوكولية عابرة، ولا رحلة بحث عن مكسبٍ سياسي محدود؛ بل خطوة استراتيجية كبرى تتداخل فيها أبعاد الأمن، والطاقة، والتكنولوجيا، والدفاع، وبناء نظام إقليمي أكثر توازناً وقدرةً على إنهاء صراعات استنزفت المنطقة طويلاً.

🔹منذ عقود طويلة، شكلت العلاقة السعودية–الأمريكية حجر الزاوية في استقرار المنطقة، غير أن العقود الأخيرة أظهرت احتياجاً عميقاً لإعادة صياغة هذه العلاقة وفق رؤية جديدة، تتجاوز مرحلة “التحالف التقليدي” إلى “شراكة هندسية” تُبنى على المصالح المتوازنة والقدرات المتبادلة. زيارة ولي العهد تأتي في هذا السياق: ثقة، ووضوح، ورغبة صريحة في الانتقال بالعلاقة إلى مستوى أعلى من الفاعلية والنفوذ.
محاور الزيارة—الدفاع، الذكاء الاصطناعي، الطاقة النووية، والأمن الإقليمي—ليست مجرد ملفات تقنية، بل هي أدوات لإعادة تشكيل العالم العربي والدفع به نحو عصر جديد، تقوده السعودية بصلابة ووعي تاريخي.

الأمن الإقليمي… نحو شرق أوسط جديد

🔹يشهد الشرق الأوسط لحظة مفصلية: حرب غزة وما بعدها، التصعيدات في البحر الأحمر، الصراع المفتوح في أوكرانيا وما ينعكس منه على أسعار الطاقة، إضافة إلى اضطرابات السودان ومنطقة القرن الأفريقي والتقلبات العميقة في العراق وسوريا ولبنان.
في مثل هذه الظروف، تتقدم السعودية لتقوم بما لم تستطع القوى الدولية القيام به: بناء توازن مستقر يضمن مصالح الجميع ويعيد الأمن إلى المنطقة.
زيارة ولي العهد إلى واشنطن تحمل في جوهرها مشروعاً واضحاً:
إنهاء الفوضى المزمنة في الشرق الأوسط عبر تحالفات جديدة، وإعادة ضبط اللعبة الأمنية بما يحمي الشعوب العربية قبل الحكومات.
تعمل الرياض على:-
▪️دعم السلام في غزة وما بعدها.
▪️منع امتداد الصراعات إلى الخليج والبحر الأحمر.
▪️بناء مظلة ردع إقليمية تضمن أمن السعودية ودول الخليج وكذلك انهاء حرب السودان.
▪️صياغة مقاربة جديدة للعلاقة مع إيران عبر قنوات دبلوماسية راشدة وتحالفات دولية محسوبة.
هذه الرؤية تتطلب توازناً دقيقاً مع واشنطن، وهي المهارة التي يتقنها الأمير محمد بن سلمان: القدرة على الجمع بين القوة الناعمة والصلابة الاستراتيجية في آن واحد.
الدفاع والتقنية… أمنٌ ذكي لعصر جديد
—————————–
🔹الأمير محمد بن سلمان يقود تحولاً تاريخياً في مفهوم الأمن الوطني:
لم يعد الأمن محصورًا في الطائرات والدبابات، بل أصبح يعتمد على الذكاء الاصطناعي، والحوسبة عالية الأداء، والمراقبة الذكية، والطاقة المستدامة، والتقنيات العسكرية المتقدمة.
ملفات الزيارة تشمل:-
▪️تعاون في صناعات الدفاع المحلي.
▪️شراكات في الذكاء الاصطناعي وتطوير مراكز البيانات.
▪️نقاشات حول برامج الطاقة النووية السلمية.
▪️تعزيز قدرات المملكة في الصناعات العسكرية المتقدمة والتكنولوجيا الكمية (Quantum Tech).
هذه الخطوة تُعد نقلة نوعية، لأنها تعني أن السعودية باتت لاعباً عالمياً وليس إقليمياً فقط، وأنها تتحول إلى مركز تكنولوجي ضخم في العالم العربي، بل وفي العالم الإسلامي كله.
تأثير الزيارة على الخليج والعالم العربي
      ————————
🔹صعود السعودية بهذا الشكل ليس حدثاً سعودياً فقط، بل تحوّل استراتيجي يمسّ الوجود العربي كله. الزيارة تحمل رسائل متعددة:-
1- إعادة ترتيب البيت الخليجي والعربي
السعودية بثقلها السياسي والاقتصادي والديني قادرة على دفع العالم العربي نحو لحظة استقرار شاملة، وتخفيف حدة الاستقطاب السياسي، ودعم الدول التي أنهكتها الحرب.
2- تقوية الاقتصادات الخليجية
عبر توسيع الشراكات في الطاقة، خصوصًا الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي، بما يفتح أسواقًا جديدة ويعزز أمن الطاقة العالمي.
3- دعم الدول العربية التي تعاني من الأزمات
من لبنان إلى السودان إلى اليمن، السعودية وحدها تمتلك القدرة على صياغة حلول واقعية، والزيارة تعزز هذه القدرة عبر تحالفات دولية أعمق.
4- تخفيف الأزمات الإنسانية
دعم الاستقرار يعني حماية الشعوب، ووقف النزوح، وعودة النمو.
نحو شرق أوسط بلا صراعات
      ———————
▪️الملف الأكثر أهمية—وإن جاء ضمنيًا—هو إنهاء الصراعات الممتدة التي أنهكت المنطقة.
السياسة السعودية الحديثة لا تؤمن بالحلول العسكرية ولا بالمغامرات؛ بل تؤمن بـ هندسة السلام عبر:
▪️إعادة بناء العلاقات الدولية على أساس المصالح المشتركة.
▪️دعم الدبلوماسية الوقائية.
▪️تفكيك بؤر النزاعات عبر الأدوات الاقتصادية والسياسية.
زيارة ولي العهد تضع المنطقة على عتبة مرحلة جديدة، قد تكون الأهدأ والأكثر توازناً منذ سبعين عامًا.
السعودية… رافعة العرب الكبرى
    ——————–
🔹في لحظة يموج فيها العالم بالتحولات، تصبح السعودية الدولة العربية الأكثر قدرة على:-
▪️بناء تحالفات دولية قوية.
▪️حماية مصالح العرب والمسلمين.
▪️صياغة مستقبل اقتصادي وسياسي جديد.
▪️قيادة المنطقة نحو الاستقرار والازدهار
  🔹زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن ليست حدثاً عادياً…
إنها مشروع استراتيجي لإعادة رسم مستقبل الشرق الأوسط، وبناء عالم عربي واثق، متماسك، ومؤهل لاستعادة دوره الحضاري.
المحصلة
————-
▪️هذه الزيارة تحمل رسالة واضحة..العرب يدخلون مرحلة جديدة من القوة والتأثير، والسعودية تقود هذا التحول بثبات، ورؤية، وشجاعة تاريخية… نحو شرق أوسط بلا حروب، وخليج أكثر استقراراً، وعالم عربي يستعيد مكانته في الساحة الدولية.
والمستقبل—كما يبدو من هذه الخطوة—سيكون أكثر اتساعاً وعمقاً مما يتخيّله الكثيرون.
mhgoub33@gmail.com
          (صحفي سوداني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*