أنا زي ما أنا

أنا زي ما أنا
  • 09 ديسمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

جعفر عباس

ولد عمودي الصحفي “زاوية منفرجة” على صفحات جريدة الشرق القطرية، وكانت سعادتي بلا حدود عندما تسلمت اول رسالة بريدية تمتدح مقالاتي، ثم صرت التقي في شوارع الدوحة بأناس لا اعرفهم يستوقفونني متسائلين: انت أبو الجعافر؟ يا سلام إلخ، وعندما احسست ان زاويتي انفرجت حتى اتسعت لآلاف القراء أصدرت كتابي الأول “زوايا منفرجة”. ثم انتقلت الى لندن للعمل لدى هيئة بي بي سي، وصرت صاحب اول عمود ثابت في مجلة الهيئة “المشاهد”، ومنها الى صحيفة القدس العربي اللندنية، وبتزكية من الوزير والشاعر السعودي الراحل غازي القصيبي رحمه الله، ولدت “زاوية حادة” على صفحات مجلة “المجلة”، ثم صارت هناك “زاوية معكوسة” في مجلة “فواصل” السعودية وأخرى “غائمة” في صحيفة أخبار الخليج البحرينية، وتنقلت ككاتب حر بين صحف الوطن وعكاظ واليوم السعودية، والشرق والوطن والراية القطرية وأيام الأسرة السورية، ثم سمعت بي الصحف السودانية فكتبت في الراي العام والصحافة والسوداني وحكايات، وصدرت طبعتان من كتابي زوايا منفرجة وأخرى حادة (مكتبة جرير السعودية)، وفي عام 2012 أصدرت كتاب “سيرة وطن في مسيرة زول”
جنيت مالا كثيرا وعلاقات طيبة مع آلاف الناس من الكتابة الصحفية، واعترف بأنني كنت اسعد بالثناء الذي كان يأتيني من القراء من مختلف البلدان، وصارت الكثير من المحطات التلفزيونية تستضيفني فأظهر على شاشاتها في كامل الأناقة بعد ان أقرأ سورة الفلق، ولكنني حرصت على تحصين نفسي ضد الإحساس بأنني شخص “مهم وخطير وشهير”، وظللت حريصا على تذكير نفسي بأنني جعفر ولد عباس وآمنة فقير ابن بدين وسليل عائلة من الترابلة البسطاء (تربال كلمة نوبية تعني مزارع وأصلها النوبي “تربا”)
وبحمد الله لم أحس أبدا بأن هناك ما يحملني على الغرور، فلا أنا اخترعت آيس كريم بنكهة الجرجير ولا أنا رئيس حركة تحرير، وهكذا وكلما تأنقت ببدلة كاملة في مناسبة ما قلت لنفسي: حيلك ويا حليلك، هل نسيت أنك كنت ترعى الغنم، وأنك كنت تصنع الحبال من ألياف النخيل (العشميق) ونبات الحلفا؟ وأنك ياما كنت تأكل من “الحلة” مباشرة بدليل تلك الرياح التي نسفت الخيمة التي أقيم فيها حفل الحنة الخاص بك ضمن مراسيم زواجك؟ هل نسيت أنك كنت يوما ما “بياع” في متجر لأحذية شركة باتا؟ ثم عملت موظفا صغيرا في المختبر الطبي بمستشفى بحري مسؤولا عن استلام العينات وكان هناك من يأتي بعينة الفسحة في علبة سجائر برنجي، وانت لا تملك حق التعبير عن الإحساس بالقرف؟ هل تذكر يوم جاءك مريض بزجاجة كبيرة في داخلها لتر من البول قال انه قضى نحو 8 ساعات يجمع تلك، هل نسيت أيامك في زنزانة في سجن كوبر ومعك “قصرية”/ نونية”؟ كفاك وللا أزيدك؟
ويا أبو الجعافر: أتذكر إذ لحافك جلد شاة/ وإذ نعلاك من جلد الحمير/ وسبحان الذي أعطاك “زاوية”/ وعلمك الجلوس على السرير (واعتذر للشاعر على تحريف بعض ما قال).

الوسوم جعفر-عباس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*