قصة تألًق باسل صالح في “باربيكان”

قصة تألًق باسل صالح في “باربيكان”
  • 16 يونيو 2025
  • لا توجد تعليقات

لندن- محمد المكي أحمد

تصًدر الفنان والموسيقار باسل صالح، المشهد، على مسرح مركز باربيكان الثقافي ، في أمسية حيوية، أثارت الدفء في دواخل من شهدوا ايقاعات أول إطلالة لـ”أوركسترا لندن العربية”.

حشد من الرجال والنساء، بلغ عددهم1,821 شخصاً، احتضنوه وعانقوه بمحبة وتقدير ،صفقوا بحرارة واعجاب، تقديرا له ، و لفرقته التي تضم120 مغنياً وعازفاً من دول عربية .

تفاعل الجمهور مع ابداع باسل الذي أنشأ منصة للابداع، وأنجحها ، بقدراته ومواهبه وعلمه، ما أدى إلى إنشاء صرح ثقافي هو الأول من نوعه في المملكة المتحدة، وتلعب فيه الموسيقي وفن الغناء والرقص الشعبي المُعًبر عن ثقافة الشعوب دورا رياديا .

حفلة الأوركسترا في قلب لندن، هي الأولى بعد انطلاقتها قبل عام ، وكانت المجموعة أجرت أول بروفة في ١١ يونيو 2024 .

على مدى ساعتين ونصف الساعة، في 7 يونيو الجاري ( 2025) أبدعت أوركسترا لندن العربية، تألقت، وأبهرت بتقديم موسيقى وغناء جميل، بمضامين أثارت أعجاب الجمهور ، وعكست جماليات فنون الموسيقى والغناء العربي الأصيل، الذي يعكس وجدان الأمة وقدرتها على انتاج الابداع و البوح الجميل، رغم كل ما تعانيه وتئن تحت وطأته من مواجع وأحزان ونكسات، لأن شواهد التاريخ تقول إن نبض الشعوب سينتصر، ونبض توقها لحياة أفضل لن يموت، حتى في أسوأ الأوقات .

تضم الاوركسترا موهوبين، مبدعين، من ” المغرب إلى الخليج” ، وبينهم 3 سودانيين ، هم الزميل الصحافي والمذيع في (بي بي سي) عبد الحميد عباس وجمانة التجاني و سماح بشرى .

الموسيقى الجميلة تساهم مساهمة فاعلة في كسر حواجز الزمان والمكان ، لأن النغمات الحيوية تخاطب الوجدان والعقل الانساني في أي مكان ، أي أن الموسيقي والغناء رفيع المستوى يلعبان من خلال الايقاع والمضمون دور اللغة العالمية، التي تكسر حواجز الحدود ، و هي لغة لا تحتاج إلى مترجمين، لأنها قادرة على مخاطبة وهز النبض والوجدان الانساني، و نسج جسور التواصل والتفاعل بين الشعوب.

من هو باسل صالح؟

في إطار الحديث عن أوركسترا لندن العربية، يُطل سؤال: من هو باسل صالح، وماهي سمات شخصيته؟

باسل صالح مؤسس و قائد الأوركسترا، هو ملحن ومغني وعازف عود.
اشتهر بدمجه الفريد بين الموسيقا الكلاسيكية العربية والغربية. وهو قائد كل من أوركسترا لندن العربية وأوركسترا الموسيقيين السوريين، يحمل درجة الماجستير في التربية الموسيقية ويمتلك خبرة واسعة في قيادة فرق الأوركسترا والكورال.

تم عزف مؤلفاته من قبل فرق مرموقة مثل كورال الـ ( بي بي سي) وأوركسترا ليفربول الفيلهارمونية و ترورو سينفونيا.

تعاون صالح مع فنانين عالميين مشهورين بما في ذلك :دايمون ألبارن، و بول ويلر، و مارتن جلوفر “يوث”، و توم موريس، و سوشيلا رامان، و سام ميلز.
قادته قيادته لأوركسترا الموسيقيين السوريين إلى الوصول إلى مراحل بارزة في مهرجانات مشهورة عالميًا مثل جلاستونبري، ووماد، وكامبريدج، ومهرجان أمستردام الهولندي، مهرجان برايتون دوم.

باسل هو أول عربي يقود أوركسترا إنكليزية، وقد قاد أوركسترا ليفربول الفيلهارمونية جنباً إلى جنب مع أوركسترا الموسيقيين السوريين و بمشاركة الفنان العالمي دايمون آلبارن عام 2018 في قاعة ليفربول الفيلهارمونية1.

إنشاء الأوركسترا .. لماذا ؟

سألته عن إنشاء الأوركسترا وأهدافها،؟

أجاب: فكرة الأوركسترا بدأت من رغبة عميقة في تقديم نموذج موسيقي عربي حديث يجمع بين الأصالة والتجديد، وينفتح على الثقافات الأخرى.

أحد الأهداف الرئيسية هو نشر الثقافة الموسيقية العربية في بريطانيا والعالم، والعمل على مشاريع مشتركة مع فنانين ومؤسسات موسيقية من خلفيات مختلفة، إيماناً بأن التعاون الثقافي هو وسيلة فعالة لتقريب الشعوب وتعزيز الحوار الإنساني.
منذ الانطلاقة، ركزنا على تأهيل المواهب وتكوين قاعدة فنية قوية تضم فنانين عرب وغير عرب يوحّدهم حب الموسيقى ورغبة في التعبير من خلالها عن قضاياهم وهوياتهم.

الجمهور العربي في لندن متعطش لثقافته

قلت: كيف ترى دلالات الحضور الجماهيري في أمسية ” بربيكان” ؟ ولماذا هذا الحشد في رأيك؟ وما هي أهم الرسائل التي عكستها الأمسية؟

قال : الجمهور العربي في بريطانيا يضم نسبة كبيرة من المثقفين، وهو جمهور متعطش لكل ما يعبر عن ثقافته وتراثه وهويته. هناك شوق حقيقي لدى هذا الجمهور للفن الراقي، وللمحتوى الثقافي الأصيل، خاصة عندما يُقدّم بمستوى فني رفيع يلامس الوجدان. الموسيقى والفن ليست فقط وسائل ترفيه، بل أدوات حقيقية تعيد ربطهم روحياً وعاطفياً ببلدانهم، وتمنحهم إحساساً بالانتماء، خاصة في الغربة.

لقد بنينا على مدار تسع سنوات من العمل في المجال الموسيقي – سواء على المستوى الفردي أو من خلال الفرق الصغيرة والكبيرة – علاقة قوية مع عدد كبير من المهتمين بالموسيقى العربية، من العرب وغير العرب المقيمين في بريطانيا. هذه العلاقة تحولت إلى جمهور وفيّ يتابعنا في معظم حفلاتنا، إضافة إلى جمهور جديد يتعرف علينا في كل عرض.

كما أن العدد الكبير من المغنين والعازفين المشاركين في الأوركسترا – والذين يمثلون مختلف الدول العربية – ساهم في توسيع دائرة الاهتمام والتأثير. هذه الأمسية لم تكن مجرد حفل موسيقي، بل تجربة ثقافية متكاملة حملت رسائل إنسانية حول الهوية والانتماء، وأكدت من جديد أن الموسيقى قادرة على أن تكون جسراً بين الشعوب، ولغة عالمية يتحدث بها الجميع، ويفهمها الجميع. ‎

حضور جمهور انكليزي وأوروبي

وبشأن الحضور الجماهيري ، يجيب : بلغ عدد الحضور في الأمسية الأخيرة 1,821 شخصاً، وكانت الغالبية من الجالية العربية في لندن، مع حضور ملفت من الجمهور الإنكليزي والأوروبي، وخاصة من المهتمين بالموسيقى الشرقية والأنماط الثقافية غير الغربية. هذا التنوّع في الجمهور يعكس التأثير المتزايد للأوركسترا في المشهد الموسيقي البريطاني.

120 مغنيا وعازفا من المغرب إلى الخليج

و عن عدد المشاركين في الأوركسترا، ودولهم ، وكيفية اختيارهم، قال : شارك في الحفلة الأخيرة أكثر من 120 مغنياً وعازفاً، معظمهم من مختلف الدول العربية – من المغرب إلى الخليج – بالإضافة إلى عازفي الآلات النفخية والنحاسية التي تألفت من موسيقيين إنجليز محترفين.
عملية الاختيار كانت مبنية على عدة مراحل، بدأناها بفتح المجال لأي شخص يملك صوتاً جيداً وقادراً على الغناء بالعربية. أجرينا لهم تدريبات احترافية شملت تعليم المقامات، وضبط الصوت، والتعامل مع المسرح، بالإضافة إلى تقديم معلومات ثقافية موسيقية ضرورية لتأهيلهم.
أما العازفون، فتم اختيارهم من نخبة الموسيقيين المحترفين المقيمين في بريطانيا، سواء من الجاليات العربية أو من فرق أوركسترالية إنجليزية مرموقة.

أولويات المرحلة المقبلة

سُئل باسل عن خطته للفترة المقبلة، قال: خطتنا في المرحلة المقبلة تشمل عدة محاور:
• المشاركة في مهرجانات عالمية داخل بريطانيا وخارجها.
• زيادة إنتاج المؤلفات الموسيقية الجديدة، وقد بدأنا ذلك فعلاً في الحفلة الأخيرة عبر تقديم ثلاث مؤلفات جديدة، بينها واحدة باللغتين الإنجليزية والعربية

• التعاون مع نجوم عالميين، مثلما حدث مؤخراً بمشاركة النجم Damon Albarn من فرقة Gorillaz.
• توسيع نطاق التدريب والتعليم، باستهداف أصحاب الموهبة من مختلف الأعمار لتعليم الغناء، المقامات، والأنماط الموسيقية التراثية مثل الأندلسي والفلكلوري.
• دمج عازفين من ثقافات أخرى مثل الصين والهند وأمريكا اللاتينية لتعزيز التناغم الثقافي.
• تنظيم حفلات صغيرة داخلية لإبراز المواهب الخاصة في الفرقة، سواء كانوا مغنين سولو أو عازفين متميزين. ‎

موقع ( إطلالة) يدعم باسل وأعضاء الأوركسترا

موقع” إطلالة” الالكتروني يُحيًي المبدع، الأستاذ باسل صالح وجميع المشاركين في أوركسترا لندن العربية، ويسرني أن أعبًر لمؤسس وقائد الأوركسترا عن دعمي الإعلامي لأدواره الايجابية ومبادراته التي تعكس وعيا عميقا بأهمية الدور الثقافي ،الجاد، والرصين، في بناء الوجدان السليم والعقول المستنيرة،والمستوعبة لأهمية البُعد الثقافي في بناء الأمم ، وتعزيز التفاهم والأواصر، ومد جسور التواصل بين شعوب العالم .

أحيي في هذا السياق السودانيين المشاركين في الأوركسترا ،وأتمنى لباسل ولجميع أعضاء الأوركسترا التوفيق والنجاح الباهر، لأدوارهم المهمة ، التي تصنع بقيادة باسل الأفراح في زمن الأحزان، وتثير الدفء في دواخل عشاق النغمة المتميزة والكلمة الهادفة، والبوح الجميل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*