هزيمة “بل بس”.. أم انتصار الحل السلمي؟

هزيمة “بل بس”.. أم انتصار الحل السلمي؟
  • 20 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

صلاح شعيب

خفة بعض المؤيدين للحرب- كيزان، وبلابسة – في تفسير تصريحات ترمب الأخيرة بشأن السودان تدل إما على تدليس مقصود، أو عدم معرفة بالسياسي الاميركي، خصوصاً لو كان رئيساً مثل ترمب. أما تغريدة البرهان فلا بد أن تتبعها أفعال على الأرض بعد تأكيد أمريكا جديتها في إنقاذ السودانيين في استجابة قوية لأحد حلفائها.
حسناً، أكد ترمب أنه لا توجد شرعية لحكومة سودانية ومع ذلك شكره البرهان. وجدد رئيسي القول باعتماده على شركاء واشنطن لإيقاف الحرب، ومما ذكرهم في هذا السياق أطراف الرباعية. إما القول بأن بولص كان لافي (بينا هوا) فهو من عين التدليس المقصود، فالحسيب النسيب لا يعمل بمعزل عن استشارة رئيسه. ولكن ماذا عن تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي حث فيها الطرفين على الإذعان لمقررات الرباعية؟. وهل كل هؤلاء الدبلوماسيين في الخارجية كانوا يتعاطون مع ملف السودان سرياً، وبعيداً عن المسؤول الأول عن المكتب البيضاوي الذي يتلقى تقارير راتبة عن مفاوضات واشنطن غير المباشرة بين حكومة بورتسودان والدعم السريع.
ترمب – من جهة – لم يقل إن “البل هو الحل” وهذه هي الاستراتيجية الأساسية للإخوان وداعميهم، وذلك يعني أن ترمب سيحطم ضمنياً أسطورة النصر المؤزر، أوليس كذلك؟. فكيف استبشر البرهان إذن بما يبذله ترمب لإيقاف الحرب؟ وألم يتواز كلام الرئيس الأميركي مع “القحاتة الملاعين” و”حمدوك العميل” وتصريحات أطراف الرباعية، والسودانيين الحريصين على إيقاف إراقة دماء الأبرياء من وقود الحرب؟ في هذه الجهة، هل ترمب توافق مع شعارات صمود أم أنه قال: “سمعاً، وطاعة..المزيد من استنفار أبناء الفقراء والمساكين هو الذي ينصر حرب الكرامة”؟
ولأن الأشياء تستقيم بضدها فإن رأي ولي العهد MBS، و ترمب للمشكل هو رأي ناس الحرية والتغيير، وهل من الممكن أن يكون رأي علي كرتي مثلاً، أو قل حاج آدم الذي قال إن سعي البرهان للحل السلمي سيقابله الموتمر الوطني بالرفض..إذن ننتظر لنرى الساطور الذي يستخدمه الحاج لتشطير الحل السلمي الذي لا مناص أنه سوف يهين الكرامة.
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر فهل يتوقع البرهان، وسدنته، من ترمب الذي فرحوا بتصريحاتهم أن يمدهم بالسلاح كما هو حال حلفاء بورتسودان، أم أنه سيقول للطرفين المتحاربين: أرضاً سلاح، وأن الحل يكمن في التفاوض مع الدعم السريع؟.
صحيح أن التفاوض مع خصومهم الميدانيين سيكون علقماً مراً للبرهان، وكيزانه، وبلابسته اليساريين واليمنيين. ولو رفضوه فعليهم – عندئذ – أن يعلنوا ذلك صراحةً، لا مواربةً، ولا خشيةً من النتائج.
ولكن بالتجربة، فإن قادة الحركة الإسلامية من جهتهم يخافون من الولايات المتحدة أكثر من الله. والدليل هو أنه حين اختبرهم الله سلط عليهم بوش إبان ضربة نيويورك 2021. آنذاك سلموا كل الملفات التعريفية الخاصة بالمجاهدين العرب والمسلمين لواشنطن، مستجيبين إلى ما قال بوش: “إما معنا..أو ضدنا”. ذلك التصريح المعزز بنهج الضربات الاستباقية مما حيرت تبعاته ال CIA. إذ قال مديرها إنهم لم يتوقعوا – أصلاً – أن يمدهم جهاز الأمن بعدد 72.000 وثيقة عن مجاهدي المؤتمر العربي الإسلامي الذي كان مقره الخرطوم، بقيادة إبراهيم السنوسي.
غداً حين يطلع ترمب خطته لإيقاف الحرب سيدرك البرهان أن حديث واشنطن في المؤتمر الصحفي عن السودان مقصود به الاستهلاك السياسي، وإنما الحقيقة هي أن ترمب مدرك تماماً لما جرى من مساعٍ للرباعية وأن ماركو، بولص، يحيطانه بكل صغيرة، وكبيرة، حول الموضوع. وما عدا ذلك فربما صرخ البرهان بعد المؤتمر الصحفي: وجدتها، وجدتها. ذلك كون أنه وجد حليفاً أفضل من الكيزان، إذ يتقوى بوجاهة إقناع حلفاءه بالرضوخ لقوة ترمب، كما رضخوا لبوش يوماً، ومافيش حد أحسن من حد.
السوال هو: لماذا ضيع البرهان، والبلابسة، والكيزان، وقتنا، وساهموا في إزهاق دماء السودانيين. حتى يهللوا الآن للسيد محمد بن سلمان، وترمب، خصوصاً أنهما لم يتفقا على شي أكثر من قول القحاتة منذ بداية الحرب بأن البل بس غير ممكن، وأن التفاوض هو الأفضل لحل الأزمة الأهلية؟.

الوسوم صلاح-شعيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*