لي ذراع السودان من ناحية البحر

لي ذراع السودان من ناحية البحر
  • 26 أبريل 2020
  • لا توجد تعليقات

كمال إدريس


مرة أخرى يتكرر مسلسل الإظلام لميناء السودان الأكبر، فقد بدأ الظلام يتسلل إلى المدينة بما يشير إلى أن المدينة موعودة بصيف رمضاني خانق وغير مسبوق، والسبب – بحسب الأخبار التي تناقلتها الصحف – فشل الحكومة في سداد مبلغ (55) مليون دولار قيمة الكهرباء للبارجة التركية الراسية على ضفاف البحر الاحمر، والتي ارتضتها حكومة المخلوع بديلا وحيدا لمدها بالطاقة الكهربائية منذ سنوات.
مساء الجمعة الماضي 10 ابريل الجاري، كانت أحياء مدينة “الثغر” قد عادت إلى الأضواء الكاشفة بعد شهرين من الظلام الدامس، بعدما تسلمت إدارة الباخرة التركية التي تحمل مولدات ضخمة استحقاقاتها للفترة الماضية.


الباخرة أصبحت الملاذ الآمن للمدينة من هجوم الظلام، منذ مايو 2018 حيث تمد المدينة بنحو 90% من احتياجها من الكهرباء، ونسبة لإجراءات تقاعس حكومية المخلوع أصبح المواطن ضحية للعلاقة بين السفينة والحكومة التي تشهد شدا وجذبا كلما اقترب موعد التسديد، في ظل وصول المديونية المتراكمة إلى 55 مليون دولار على حكومة ولاية البحر الأحمر.


العديد من المراقبين يروا أن شركة كاربورشيب التركية المالكة للسفينة تمثل وسيلة ضغط يمارسها الاتراك على السودان، خاصة وأن الكثير من رجال الاعمال الاتراك المقربين للنظام السابق اقاموا اعمالا تجارية متنوعة، وحاولوا السيطرة على قطاع الكهرباء، وهؤلاء لهم آثارا سالبة على سوق العملات الحرة، فهم من يعمل على جمع الدولار بأي قيمة من السوق الداخلية ونقله إلى الخارج، في اقتصاد يفتقد الانتاج ومنهار اساسا.


ويرى مراقبون الحل في التضييق على الوجود التركي المنفلت في الاسواق من خلال العديد من المستثمرين في أعمال تجارية مختلفة معظمها ضار بالاقتصاد المحلي، وهؤلاء كانت قد جذبتهم الحماية التي وفرها لهم نظام المخلوع البشير، وكذلك النجاح الذي كان قد حققه التركي الذي يحمل الجنسية السودانية أوكتاي اورجان المقرب من الرئيس التركي، والذي وضح أنه نهب نحو 70 مليون دولار من أعمال مشبوهة تمثلت جلها في شراء مولدات كهرباء ألمانية غير مطابقة للمواصفات، لكن الخرطوم نجحت في القبض عليه بواسطة الانتربول وأعادته مخفورا إلى سجونها.


على الطرف الآخر، تطل جزيرة سواكن التاريخية الاستراتيجية عند ذكر العلاقات التركية السودانية، حيث جرت في أوقات سابقة أعمال ترميم على أيدي تركية لمبنى الجمارك التاريخي ومقر الحاكم التركي، وبعض المواقع الأثرية الاخرى، والتي جاءت وفقا لاتفاق سابق منح المخلوع عمر البشير بموجبه جزيرة سواكن لتركيا، وهو ما اعتبره البعض محاولة تركية للوجود العسكري للتأثير على أمن البحر الأحمر، بينما الرأي الرسمي المعلن من قبل تركيا أن جزيرة سواكن ستتم تهيئتها كمحطة استجمام وتجمع مناسبة للأتراك المتوجهين إلى الأراضي السعودية لأداء الشعائر.

الوسوم كمال-إدريس

التعليقات مغلقة.