عميد “الفنون الجميلة”عبدالرحمن شنقل: النظام السابق حارب الفنون

عميد  “الفنون الجميلة”عبدالرحمن شنقل: النظام السابق حارب الفنون
  • 30 يناير 2021
  • لا توجد تعليقات

التحرير - محمد اسماعيل

فن النحت مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ وحضارة السودان

وزارة الثقافة عليها ان تعمل على ترسيخ مفاهيم الثورة

التشكيليون ساهموا فى حراك الثورة

تخرج فى العام 1985 فى كلية الفنون الجميلة والتطبيقية .انه فنان نشط، كان يدرس منذ سنوات فى قسم النحت، وشغل منصب رئيس القسم . شارك فى عدد من المعارض الفنية والأنشطة المتصلة بها فى السودان والخارج.

الآن يشغل عميد الكلية، لتقيه فى هذا الحوار الذى يتناول كثيراً من المحاور والاسئلة. التى تتعلق بالكلية .والفن والثورة . وواقع الحركة التشكلية الآن ..

كيف نشأت كلية الفنون ومراحل تطورها؟
نشأت كلية الفنون مدرسة للتصميم بكلية غردون التذكارية في ثلاثييات القرن الماضي، ثم ألحقت بالمعهد الفنى في العام 1946. ومن ثم معهد الكليات التكنولوجية وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا حالياً.

ما التخصصات الموجودة بالكلية؟ وكم عدد أقسام على مستوى الفنون الجميلة؟

التخصصات الموجودة بالكلية هي: النحت – التلوين – الخزف – التصميم الإيضاحي – تصميم وطباعة المنسوجات – الأزياء – التصميم الداخلي – التصميم الصناعي – الخطوط العربية والزخرفة الإسلامية – الطباعة والتجليد، إضافة إلى قسم الرسم وهو قسم عام يدرس فيه كل الطلاب على امتداد فترات محددة من فترة الأربع سنوات.

بخصوص التخصصات أصبحت متداخلة مع بعضها بعضاً، ولكن يمكن القول إن النحت والتلوين من الفنون الجميلة، إضافة إلى جماليات الخزف والخط العربي، وإلى حدٍ ما لا يمكن التصنيف بحدود قاطعة بين الجميل والتطبيقي.

حدثنا عن الإشكاليات التى تواجه الكلية الآن؟
..إن إشكالات الكلية الآن جزء كبير منها من بقايا حكومة الجبهة الإسلامية التي خلقت الكثير من الإشكالات التي حدت من تقدم وتطور الكلية سواء كان على مستوى البنى التحتية أو الأكاديمية، فقد تمت محاربة كل فعل إبداعي حينها، تضررت المباني وتقلصت مساحاتها ونزع العديد من استديوهاتها وتم التغول على أرضها بأركويت، وتحطيم تماثيلها بفنائها، وواجهت الكلية هجمة شرسة في تلك الفترة السوداء من تاريخ السودان، من تشريد لأساتذتها وطلابها بالإرهاب والتعذيب والفصل من الدراسة، كل تلك الإشكالات والممارسات أقعدت الكلية وعطلت تطورها الطبيعي، الآن نحمد الله أن مد في أيامنا حتى تم خلع هذا النظام وبلا عودة إن شاء الله، لنؤسس لدولة المواطنة والحرية والسلام وقبلاً العدل.. لا زالت آثار تلك الفترة ممتدة في واقعنا، ونعمل على معالجتها، ومنها على سبيل المثال امتحان القدرات كشرط أساسي لقبول الطلاب بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية.

والحمد لله تم هذا العام العمل بشرط امتحان القدرات لطلاب الشهادة السودانية المتقدمين للإلتحاق بالكلية وهذا يتيح للكلية أن تختار أصحاب الموهبة والقدرات الحقيقية للإلتحاق بها. وهذا الشرط قد تم إلغاءه من قبل ثورة التعليم العالي التي كانت وبالاً على التعليم والتي لا تراعي خصوصية التخصصات وشروط الإلتحاق بها ومقدرات الكلية وسعة استيعابها وعدد أساتذتها وأدواتها وموادها لتجابه العدد المهول الذي ألحقوه بالكلية. من الإشكالات الحالية العدد الكبير في نقص الأساتذة في بعض التخصصات وكذلك في مساعدي التدريس والذي خلق فجوة كبيرة بين الأجيال، نعمل على استيعاب عدد مقدر من الشباب في هذه الوظائف وفق شروط الخدمة المدنية المعروفة. وكذلك نعمل على تأهيل الأساتذة الموجودون حالياً واتاحة الفرص لهم للتدريب والتعرف على تجارب الآخرين حولنا في هذا المجال.

ما المعينات التى تقدمها الكلية لطلبة؟
توفر الكلية البيئة الحاضنة لتدريس الفنون من استديوهات وورش ومعامل وكادر أكاديمي قادر على العطاء، ومن الإشكالات التي نحتاج أن نعمل عليها توفير المواد والمعينات الدراسية للتعلم، وهي من الأساسيات التي حرم منها الطالب في فترة حكم الانقاذ ووقع عليه عبء كبير لتوفير هذه المواد والتي نعلم ارتفاع أسعارها بصورة ربما تخل بالعملية التعليمية، مع إدارة الجامعة نسعى لتوفيرها قدر الإمكان.

هناك نظرة فى عدم تقدير لفن النحت؟
تعود النظرة لفن النحت للعديد من الأسباب، منها ما هو مرتبط بالعقيدة، وآخر مرتبط بثقافة المجتمع، إن فن النحت مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ حضارات السودان الكوشية فمن خلاله تم التعبير عن المعتقدات والثقافات والانجازات، فكان ارتباطه ارتباط وثيق بنظام الحكم ومعبر أساسي للايدولوجية السائدة.

ولكن بعد تغير نظم الحكم وتحول المجتمع إلى عقيدة أخرى تغيرت النظرة لدور النحت والفنون عامة وانقطعت الوظيفة الأساسية له في تجسيد المعتقدات والأفكار، وتحول المجتمع إلى خلق بدائل أخرى لمعالجة هذه المسألة، فكان التجريد والزخرف وفق ما يخدم غرضها، مما خلق انقطاع في استمرارية عمل النحت في تاريخ السودان، ولكن بعيداً عن ذلك استمر العمل في مجال النحت بصورة مختلفة لا تجسد أي معتقدات دينية قديمة إنما أخذت منحىً جمالياً آخر، في عمل الجداريات والزخارف والتماثيل الواقعية والمجردة وزخرفة المعابد وأعمال الأثاثات في مجالات أخرى كثيرة.

بعد ثورة ديسمبر 2018م بدأ المجتمع يحس ويتذوق ويتفاعل إيجاباً مع أعمال النحت، وقد ظهر ذلك من خلال تمثال جردل مان بفناء جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا الذى يجسد ويؤرخ لمشهد من آلاف المشاهد التي حظيت بها ثورة ديسمبر.

فى ظل الوضع الحالى .. ما أهداف الكلية؟
من أهم أهداف هذه المرحلة هو تفعيل شروط القبول للكلية ويعدّ هذا الشرط سر نجاح الكلية طيلت مسيرتها السابقة. والحمد لله وبجهد الإدارة السابقة للكلية والإدارة الحالية التي تابعت هذا الأمر حتى تم تحقيقه كشرط ملزم للإلتحاق بالكلية، وسيبدأ العمل به هذا العام 2020-2021.
نسعى لتأهيل الأساتذة وهو ان الشباب المميزين كإضافة حقيقية لاستمرار تقدم وبناء الكلية.
تطوير المناهج ومراجعتها، الابتعاث للخارج لأعضاء هيئة التدريس للدراسة وتبادل الخبرات وإضافة الورش وتقديم الأوراق والمساهمات العلمية في هذا المجال، ويهمنا كذلك تطوير علاقة الكلية بمجتمعنا وذلك من تفعيل للدراسات الميدانية التي تجوب العديد من الأقاليم عن طريق الأعمال التشكيلية أو الندوات التثقيفية أو الإيفاء بمطلوبات تلك الأقاليم في مجال الفنون، ولدينا العديد من الاتفاقيات الإقليمية مع جامعة بحردار وجامعة مندر بإثيوبيا نسعى لتفعيلها، وكذلك تفعيل التفاهمات السابقة التي قمت بها مع كلية الفنون والتصميم بجامعة أديس أبابا، ونسعى للانفتاح مع محيطنا الإفريقي وكذلك العربي والعالمي. وسبق أن عقدنا اتفاق تعاون مع كلية النحت ببولندا ولكن لم تفعل ونسعى جاهدين لتفعيلها.

ولدينا كذلك نشاط ومشاركة فاعلة مع الهيئة القومية للآثار والمتاحف في مجال التاريخ والبحث الأثري، ونعمل حالياً على اتفاقية شراكة وتعاون لمزيد من التخصص في مجال ترميم الآثار بكلية الفنون.

نظام البشير تسبب فى تشريد الفنانين التشكليين الى المنافى .. ما دور كلية الفنون فى عودة هؤالاء ؟
هاجر العديد من الكفاءات من السودان والكلية جزء من كل لظروف القهر والظلم في تلك الفترة، ومنهم من تم فصله من الكلية ولم يهاجر، والعدد الأكبر من المهاجرين هم من الفنانين المميزين من خريجي الكلية الذين تم التضييق عليهم سواء بالاعتقال أو التعذيب أو الفصل أو المحاربة في الأرزاق، ولكن في المقابل لابد من شكر كل الذين ضحوا وصبروا وعملوا للحفاظ على هذه الكلية قائمة تؤدي رسالتها تجاه وطنها في تلك الظروف كالحة السواد. وبالتأكيد عودة هذه الكفاءات سترفد التشكيل بخبرات وأفكار جديدة ومميزة.

هل هناك تنسيق بينكم وبين وزارة الثقافة؟
للأسف لا يوجد لدينا أي تنسيق أو اتصال مباشر مع وزارة الثقافة، لا زلنا نعتقد أنها وزارة الثورة الأولى التي عليها إضاءة حاضرنا، والعمل على توثيق ثورتنا في كل مجالات الإبداع: جداريات، وتماثيل، وتلوين، وموسيقى، وشعر، وقصة، وورش عمل، والكثير من هذه الأنشطة. فالوزارة عليها أن تعمل على ترسيخ وتثبيت المفاهيم التي قامت من أجلها الثورة، وذلك خلال هذه الفترة الانتقالية، وذلك لارتباط الشعب وجدانياً ومعايشتهم للأحداث التي صنعوها خلال هذه الثورة العظيمة.

تخيل أن يكون واقعاً، شوارعنا تزينها جداريات الشهداء والميادين تقام عليها التماثيل التي تعبر عن روح الثورة.. والمجسمات الضخمة التي ترمز للثورة.. وكثير يمكن تخيله وتجسيده واقعاً. لا زال الأمل قائماً من خلال وزارة الثقافة والجمعيات والمنظمات والمؤسسات أو الأفراد الذين يؤمنون بقيم وأهداف ثورة ديسمبر، لجعل هذا ممكناً، وقد تم جزء من هذا الحلم بفناء جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا – كلية الفنون الجميلة والتطبيقية – بعمل تمثال لجردل مان الذي يجسد مشهداً من آلاف مشاهد الثورة.. قام شباب صفرجت بتجسيده.


هل الحركة التشكيلية السودانيةكان لها دور فى نجاح الثورة السودانية؟

ساهم الفنانون التشكيليون وعموم من خط حرفاً في حراك الثورة مساهمة لا يمكن تجاوزها، ساهموا من خلال الفعل، فإن الحراك الثوري نحو غايته لإسقاط النظام، فقام تجمع التشكيليين السودانيين بالعمل بصورة دائمة ومستمرة ومميزة بعمل البوسترات والملصقات والصور والإعلانات التي تحدد أهداف الثورة وميقات التظاهر والخروج، فتم إنتاج ما لا يقل عن خمسة آلاف بوستر وإعلان في هذا المجال من خلال وسائط التواصل الاجتماعي التي عمت الفضاءات المحلية والعالمية وساهمت في معركة مسار الثورة وأهدافها وغيااتها، كما قام تشكيليون خارج نطاق هذا التجمع بالفعل الإبداعي المباشر في محيط القيادة وما حولها وفي كل مدن وجدران السودان من تلوين ورسومات وجداريات وخطوط وإعلانات وعبارات (تسقط بس).

التعليقات مغلقة.