إلى جنات الخلد أخي عبدالرحيم

إلى جنات الخلد أخي عبدالرحيم
  • 21 مارس 2021
  • لا توجد تعليقات

د. النور دفع الله أحمد


نقل إلي الأخ الصديق د/ صلاح محمد ابراهيم نبأ رحيل د. عبد الرحيم نور الدين المفاجئ عن دنيانا الفانية صبيحة يوم الجمعة الماضي، فلم يكن لي من سبيل سوى أن اردد: إنا لله وإنا اليه راجعون. وفى تلكم الاثناء شعرت كأنما الدم يتجمد في عروقي، فأصبت بشلل في التفكير غاب من خلاله الوعي لثوانٍ افقت بعدها لأستعرض شريط ذكريات الصبا مع الأخ الودود عبد الرحيم حيث كان يناديني بود أبي دفع الله كما كنت اناديه بود أبى نور الدين بعيدًا عن الألقاب التي نحملها…
التقيت بعبد الرحيم ونحن وقت ذاك تم قيدنا بكلية الآداب جامعة أم درمان الإسلامية قسم الصحافة والإعلام، فكنا ضمن ثمانية آخرين، كنا كالأشقاء يمثلون النواة الأولى فى تخصص الإعلام، فكان حدثا فريدا فى دنيا الدراسات الأكاديمية بالجامعات السودانية. وبعد ان أكملنا دراستنا بالجامعة تم استيعاب كل الدفعة بدور الصحف بعد أن تأميمها في عهد الرئيس نميري، فالتحق د. عبد الرحيم وأربعة آخرون من الزملاء بجريدة الأيام، والتحقت أنا وأربعة آخرون بجريدة الصحافة، ثم بعد أن أمضينا نحو ثلاث سنوات أو تزيد تم قبولنا فى وظيفة (معيدين) بالجامعة حيث أوفدنا إلى الخارج فى بعثات دراسية لنيل شهادتي الماجستير والدكتوراة. سافر د. عبد الرحيم إلى أمريكا وذهبت أنا إلى جمهورية مصر العربية كلية الاعلام جامعة القاهرة.
وكانت رؤية الجامعة فى ذلك الوقت؛ تنوع المدارس فى مجالات التخصصات المختلفة ما بين المدرسة الأمريكية والأوروبية والمشرق العربي.

أنا اكتب الآن هذه الكلمات وصورة عبدالرحيم تتراءى أمامي بكل تفاصيلها وحديثه الحلو الشجي يتردد صداه بين الفينة والأخرى في مسمعي الذى اعتاد صوته فى كل لحظة وفى كل حين؛ فى انسه الطيب الممتع وقفشاته الضاحكة من هنا ومن هناك تفيض على الآخرين حبا والفة.. كان عبد الرحيم انيقا حد الاناقة وكان يحب ويعشق الجمال فى كل شىْ كأنما العين قد اصابته من فرط حب الأناقة والجمال فرحل عن دنيانا سريعا سريعا كومضة البرق الخاطف أو طرفة العين.

هذا الرحيل المفاجئ لعزيزنا الفقيد أعاد الى أذهاننا عبارة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد على حد تعبير أهل القانون والا فكيف تُرفض حالة د/عبد الرحيم كحالة مرضية طارئة من خمسة مستشفيات خاصة ذات شهرة معروفة بحجة انه لا توجد لديهم أنابيب اوكسجين، و يا للهول أن أحد تلك المستشفيات طلب مبلغ سبعمائة ألف وتدفع نقدًا فى الوقت الذى كانت الساعة تشير فيه إلى الثالثة صباحا ثم اعتذر بعد ذلك عن قبول الحالة بحجة عدم الاوكسجين. وما كان للمرافقين من سبيل سوى الرجوع إلى المنزل وما هي إلا بضع دقائق ويلقى دكتور عبد الرحيم ربه راضيًا مرضيًا.

هنا أقول إن حالة بروف عبد الرحيم ما هي إلا نموذج للعشرات بل المئات الذين تسببت المستشفيات الخاصة فى وفاتهم بالقتل العمد ولهذا كان لا بد من اعادة النظر فى سن قوانين رادعة لتلك المستشفيات التي تمتنع عن استقبال الحالات الطارئة بحجة الأعذار الواهية التي لا يصدقها حتى الاطفال… خبرونى بربكم أين الانسانية وأين الشفقة والرحمة بل وأين العطف والرعاية لاسترداد العافية التي يقدمونها للمرضى لحظة تقديمهم لطلب الترخيص لقيام المستشفى. الآن نقول سقط القناع عن الزيف وانكشف المستور .. إنه حب المال وجمع الثروة وقطعًا سيأتيهم ذلك اليوم الذى لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

فإلى جنات الخلد اخى عبدالرحيم وستظل ذكراك محفورة في الذاكرة ما حيينا فأنتم السابقون ونحن اللاحقون. صعدت روحك الطاهرة الى بارئها آمنة مطمئنة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

التعليقات مغلقة.