أحيي من صنعوا ميلاد “التحرير” وسهروا على ولادتها

ميلاد “التحرير”.. حدث ورسالة

ميلاد “التحرير”.. حدث ورسالة
  • 23 أبريل 2017
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد- رئيس تحرير صحيفة التحرير الإلكترونية

يشكل ميلاد صحيفة “التحرير”.. الرؤية والموقف والطموح.. حدثاً مهماً في تاريخ الصحافة السودانية المعاصرة، وفي تاريخ بلد يواجه ما تبقى منه أزمة سياسية متفاقمة، تهدد وجوده، وهو يئن منذ عدة سنوات من وطأة الكبت، والقمع، ومطاردة الصحافيين، والكتاب والسياسيين وأصحاب الرأي الآخر.
في هذا السياق، نرى أن هذه الانطلاقة الواثقة تمثل إضافة حيوية لمسيرة الصحافة والصحافيين السودانيين، المحترفين والملتزمين قضايا شعبهم، وحقه المشروع في الحرية والتعددية والعدالة والمساواة.
وهنا أترحم على أرواح رواد الصحافة السودانية، وشهداء الوطن جميعاً على امتداد تاريخ السودان القديم والحديث، فهم شهداء الكلمة؛ لأن التضحيات تبدأ دائما بالكلمة، كما أحيي في الوقت نفسه زملائي الصحافيين والكتاب، القابضين على الجمر باختلاف مواقعهم، داخل السودان وخارجه، وأخص بالتحية عميد الصحافة السودانية، ووجهها المشرق الأستاذ محجوب محمد صالح، الذي نفاخر بعطائه المتواصل، المنحاز لنبض شعبه وأهله، نسأل الله أن يمد في عمره، ليواصل اشراقاته.
أحيي أيضاً زملائي في الصحف الإلكترونية السودانية، الذين كان لهم السبق في ارتياد آفاق جديدة، وصعبة في عالم الإعلام الجديد، لكنهم رغم التحديات وضعوا بصمات ملموسة، على طريق الكلمة الخضراء، الملتزمة بنبض الشعب، وأقول لهم إننا في صحيفة ” التحرير” نسعى الى أن نكون شركاء على طريق واحد، قد تختلف أساليب التعامل والتناول للخبر والتقرير والقضايا والمشكلات، لكننا جميعاً نسعى جاهدين إلى أن يكون للكلمة دورها الريادي في بناء المجتمع، وفتح جسور التواصل بين أبنائه، رغم شراسة الأوضاع الراهنة.
حرصنا في “التحرير” عَلى أن تتنوع مجالات التغطية للشؤون السودانية التي تشمل الثقافة والفنون والاقتصاد والرياضة. وسنولي قضايا المجتمع اهتماماً كبيرا، وسنقترب من نبض الناس، ونحاورهم؛ لنقدم لمن يعنيه الأمر في الداخل والخارج تفاصيل الواقع، بعيدا عن المساحيق
أما الطيور المهاجرة التي أضناها السفر، واستمرار الترحال، فسنخاطبها، ونحاورها، وننشر أوجاعها وأشواقها، وسنوثق للسودان المهاجر، الزاخر بالمبدعين والمظلومين، خصوصاً أن “السودان المهاجر” بات يشكل وطناً بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات، ونرى أن بنات السودان وأبناءه في الخارج وجوه مشرقة ومشرفة للوطن، وسفراء يشيد بهم قادة الدول التي احتضنتهم عشرات السنين، في الخليج مثلاً.
نعاهد أهلنا وقراءنا من كل لون وجنس ودين، أننا سنسعى عبر عملنا المهني إلى إشاعة مناخ يتمتع فيه أهل السودان بحرية الكتابة والتحليل، في أبواب الصحيفة وميادينها التي تتسع للجميع، وقناعتنا أن السودانيين يستحقون مكانة مرموقة بين الأمم، بقدراتهم وإبداعاتهم، ونبضهم الإنساني الجميل.
أحيي من صنعوا ميلاد ” التحرير”، وسهروا على ولادتها، واختاروني رئيساً للتحرير، وها هي المولودة بدت من خلال ولادة طبيعية لا قسرية -كما ترونها- جميلة المظهر، غنية المخبر، ورشيقة، والأهم انها تحتضن بمحبة أبناء السودان، بتعدديتهم النابعة من واقعنا.
أرى اختياري لقيادة أسرة التحرير- التي أتمنى لها النجاح الباهر، وادعوها إلى الالتزام الصارم بالمعايير المهنية، خصوصاً في كتابة الخبر والتقرير والتحليل والحوار- رسالة ثقة وتقدير لتاريخي المهني الطويل.
كانت -وما تزال المهنية- هي عنوان مسيرتي الحافلة بالتحديات، وأيضاً وضوح الموقف المبدئي الرافض للديكتاتورية، والمنحاز إلى قيم الحرية والعدالة، وأرى أيضا أن رئاسة التحرير مسؤولية تتطلب تعاون الجميع؛ لأن الكلمة مسؤولية ورسالة.
أسال الله العلي القدير، “فالق الحب والنوى”، أن يوفقنا جميعاً لإدارة تجرية صحافية نريدها أن تنجح، وأن تتمتع بسمات المهنية الرصينة، والتعددية في الرؤى، والأفكار، وسنتيح فرص التعبير والمشاركة لبنات السودان وأبنائه، من كل التوجهات والألوان؛ ليعبروا عن أفكارهم وأوجاعهم وأشواقهم في مناخ للتنفس الطبيعي، ومن دون عزل أو أقصاء لأي فكر؛ لأننا لا نريد للمظلوم أن يتحول إلى ظالم، وسنسعى بعون الله ودعمكم إلى الاهتمام بالمبدعين السودانيين في كل ضروب الإبداع وساحاته، ولن ننكفئ على عالم السياسة فقط، فالسودان غني، ليس بموارده فقط، بل أيضا بمبدعيه من الجنسين، وخصوصا الشباب، الذين أدعوهم إلى المشاركة، وسنهتم بمبادراتهم الاجتماعية والثقافية والفنية والاقتصادية والسياسية والرياضية.
ولن ننغلق داخل ربوع السودان وحدوده، فالسودان كيان له أهميته وريادته التاريخية في الفضاء العربي والإفريقي والإسلامي والعالمي، كما أن عالمنا تتداخل مصالحه وقضاياه، ويتقاسم الهموم والأحزان والتطلعات، بحثاً عن الاستقرار والطمأنينة والسلام والحرية والمصالح المشتركة.
هذا معناه أننا سنتفاعل بالخبر والتحليل والمقال وغيره مع القضايا والأحداث الكبرى في دنيا العرب والمسلمين وافريقيا والعالم.
modalmakki@hotmail.com

التعليقات مغلقة.