مدنية أم عسكرية؟

مدنية أم عسكرية؟
  • 02 نوفمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

المطالبة بالمدنية ورفع شعاراتها وتقديم التضحيات من أجلها لا تعني اطلاقا التقليل من قدر العسكرية كما قد يفهم بعض العساكر، أو كما يحاول الانقلابيون تصويره، وحشو عقول الجنود والضباط به.

القوات المسلحة كما يعرفها القانون هي قوات قومية هدفها حماية البلاد، ليس من بين أهداف القوات المسلحة ممارسة السياسة، لا يوجد في كل العالم حزب سياسي خاص بالقوات المسلحة، كما لا يمكن أن يترشح عسكري لمنصب سياسي عبر الانتخابات، اي عسكري يريد أن يترشح في الانتخابات سيكون عليه اولا التنازل عن البذة العسكرية والتحول إلى مدني ثم يمكنه بعد ذلك الترشح في الانتخابات، هذه هي أعراف وقوانين القوات المسلحة.

العسكري لم يولد عسكريا، بل ولد مدنيا، ويعيش طيلة حياته مدنيا حتى يدخل الجيش في عمر ال ١٨ سنة أو بعدها، أثناء خدمته في الجيش قد يترك العسكري الجيش ويعود مدنيا، أو قد يكمل فترة خدمته حتى يصل المعاش، وحين ينزل إلى المعاش يصير مدنيا مرة اخرى، لذلك فالمدينة هي الأساس، العسكرية مجرد وظيفة مؤقتة يمتهنها صاحبها وقد يتركها ويعود للمدنية في اي لحظة، لذلك لا يمكن أن يفهم أن العسكرية أشمل من المدنية.

الانقلابيون وقوى الردة ينشطون في شيطنة الدولة المدنية في عقول العساكر، كما ينشطون أيضا في شيطنة العساكر في عقل المدنيين، وهي جميعها مواقف خاطئة، هناك مدنيون انقلابيون يريدون ان يقطعوا الطريق أمام الدولة المدنية، كما أن هناك عسكريين انقلابيين يريدون قطع الطريق أمام الدولة المدنية، ويواجه هؤلاء تيار عريض واسع في المدنيين يقف بصلابة مع الدولة المدنية، كما يواجهه أيضا تيار عسكري يؤمن بأن القوات المسلحة وظيفتها ليس السياسة ولا الحكم.

لذلك المعركة التي تدور اليوم هي ليست بين القوات المسلحة والمدنيين كما يريد أن يصورها الانقلابيين، وإنما بين الانقلابيين من العسكر والمدنيين من جهة، والمؤمنين بالدولة المدنية من المدنيين والعسكر من جهة اخرى، وهذه معركة سينتصر فيها تيار الدولة المدنية بلا شك، وسينهزم فيها الانقلابيون ويقدمون إلى المحاكمات العادلة.

يجب أن نخاطب ضباط وجنود القوات المسلحة بهذه اللغة حتى لا يسيطر على عقولهم الانقلابيين، فمصلحة عناصر القوات المسلحة من الدولة المدنية اكبر بكثير من مصلحتهم في ظل الدولة الانقلابية، فالدولة المدنية تعامل العساكر باحترام وعدالة وتوفر لاسرهم الكبيرة والصغيرة الحرية وحكم القانون ولا يظلمون في ظلها، بينما في ظل الدولة العسكرية الانقلابية فإن مصير العسكري هو القهر كما هو مصير المدنيين، وقد يفصل من الخدمة او يوزع في مناطق بعيدة او يستهدف بالمكائد، لذلك وجود الدولة المدنية ودولة القانون تحمي العسكري والمدني من سطوة وقهر من بيدهم السلطة، وتجعلهم في مستوى واحد أمام القانون في مواجهة الرئيس والوزير واي مسؤول حكومي، لذلك من الطبيعي ان يدافع العسكري والمدني معا عن الدولة المدنية.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.