يا شباب عبري.. افيقوا
زرت عبري ( مسقط رأسي) في زيارة خاطفة لمدة يومين، وذلك لواجب العزاء في رحيل ابينا وأبي الكل الحاج جمال حسين ارباب، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ورغم فداحة الفقد إلا أن نفسي الأمارة بالسوء أبت إلا أن أسجل زيارة لمشروع خيرنتود، بخاصة وأن الراحل عمنا جمال أحد مؤسسي هذا المشروع العملاق.
لقد هالني ما رأيت وألجمت الدهشة لساني فلقد رأيت بنفسي ما لا يمكن تصديقه، فلذي يجري في أرض هذا المشروع هو الجنون بعينه.
فلقد رأيت آليات البحث عن هذا المعدن الملعون الذي يسمى الذهب تحفر أرض المشروع، وتحوله إلى ركام، والغبار الكثيف الناتج من عمليات الحفر تملأ سماء المكان،وتكاد تخنق الأنفاس.
وقفت لحظات ما بين مكذب ومصدق لما أراه أمامي، كأنني في حلم مزعج، أو ربما كابوس آخر الليل .
والعبرات تكاد تخنقني لضياع أرض هذا المشروع، الذي هو أمل عبري، وكل القرى المجاورة والأجيال القادمة.
كيف سمحنا لبعض ضعاف النفوس من بني جلدتنا سرقة أرض هذا المشروع وتحويله إلى مجرد أكوام من التراب؛ بحثاً عن الذهب لملء جيوبهم، بينما الغالبية العظمى من أهل عبري ينتظرون إكمال هذا المشروع الزراعي، الذي أراه الضمانة الوحيدة لمستقبل الزراعة في عبري .
أرض هذا المشروع من أجود وأخصب الأراضي الزراعية في كل الولاية الشمالية، وهذا المشروع الذي يمكن أن تصل مساحته الإجمالية ما يقرب من عشرة آلاف فدان في حالة استصلاح كل أراضيه.
ما يزعجني و يدهشني حقيقة هذا الصمت المطبق من شباب عبري في هذه الكارثة التي تجري تحت سمعهم وبصرهم .
لقد تحدثت مع العشرات منهم، ولم يشف غليلي أي منهم في رده على استفساراتي الملحة، حتى مدير المشروع ( المهندس الزبير ) عندما اتصلت عليه تحدث معي بلغة باردة برودة الطقس في عبري، كأن الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد ..تحدث بلا مبالاة غريبة، وبحجج واهية بانه مشغول الآن، وسوف يتفرغ للأمر فيما بعد! هل يمكن أن يكون هذا الرجل أميناً على مشروع بهذا الحجم، والله وتالله أشك في ذلك كثيراً.
رسالتي لشباب عبري الصامدين الأبطال الذين لا يمكن شراؤهم بهذا الذهب الذي يتم استخراجه من أرض هذا المشروع .
أقول لهم إن هذا الذهب الملعون معطون بكل مستقبل وطنكم الصغير ، فلا تسمحوا لقلة قليلة منكم أن يكونوا سبباً في دمار مستقبلكم.
رأيت كثير اً من الشباب وهم يزرعون في حقول هذا المشروع بكل جد. رأيتهم وهم يروون محصول القمح بعرقهم وكدهم وكفاحهم قبل ريه بالماء ، فلا تسمحوا لهذه القلة أن تدمر لكم أرضكم.
اليوم وقبل الغد قوموا بتكوين اتحاد لمزارعي مشروع خيرنتود، واستلموا هذا المشروع، واوقفوا هذا العبث الذي يجري في أرض المشروع.
وندائي لوالي الولاية المكلف بالتدخل العاجل لوقف هذا التعدى الصارخ والمخجل على الأراضي الزراعية.
يا والي الشمالية ..يا وزير الزراعة تدخلوا لإيقاف هذا الدمار الممنهج للمشروع، أما شركة المعادن التي هي سبب الأزمة فلا رجاء من توجيه النداء لها، ولمسؤوليها، فهم من يتسببون في هذه الكارثة.
أكرر ندائي لشباب عبري وتبج وكل القرى المجاورة للتدخل العاجل بوقف هذه المهزلة، وتأكدوا دائماً أن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
والله المستعان
