العبرة والاعتبار من هذه الحرب اللعينة وأثمانها الفادحة !!

العبرة والاعتبار من هذه الحرب اللعينة وأثمانها الفادحة !!
  • 17 يونيو 2023
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

هذه الحرب اللعينة الفاجرة ذات الأثمان الباهظة على الوطن والمواطنين كشفت ما كان من البدهي أن ينتهي إليه الأمر مع وجود هذه النماذج البشرية في مفاصل الدولة وفي القوات النظامية والخدمة المدنية وفي قيادة الخارجية والإعلام والصحافة والقضاء والنيابة..!


ومثال هذا أن يصل إلى قيادة القوات المسلحة نماذج مثل هؤلاء الجنرالات الانقلابيين بقيادة البرهان وكباشي وإبراهيم جابر وجماعتهم وهم على هذا المستوى من ضمور المهنية وخلل العارضة الأخلاقية والإنسانية وانسداد شرايين الوطنية والافتقار المريع في القدرات الذهنية التي يتطلبها إصدار قرارات بشأن أمة ودولة وشعب ومصير من هذه المواقع الخطيرة..وينطبق ذلك على وزراء الانقلاب ومن جاءت بهم الإنقاذ طوال ثلاثين عاماً والذين استعان بهم (انقلاب البرهان والدعم السريع) في مواقع القضاء والنيابة والأجهزة العدلية والشرطية والاستخبارية والخارجية..وفي البنك المركزي وفي مؤسسات والتعدين والمصارف وحراسة الموارد التي تتطلب الأيدي النظيفة..والذين استولدتهم الإنقاذ باسم الإدارة الأهلية..والنماذج عديدة ولكن يمكن أن يتمثل نموذجها في “نظارة محمد الأمين ترك” وفي أردول و مسار وعسكوري..إلخ ثم النماذج الغريبة في حركات المسلحة وأوهام القيادة المتمثلة في مناوي وجبريل ومالك عقار..ثم “عالم الخبراء الاستراتيجيين” الذين أوصلت الإنقاذ نماذجهم هذه إلى المناصب العليا باسم “الأركانحربية” الى أن تقاعدوا بأوهام أنواط الخدمة الممتازة..وهم متقاعدون منذ أن كانوا في درجاتهم الأولى..متقاعدون عن كل معرفة ونزاهة وهم يترعرعون تحت ظلام الإنقاذ وجهالتها وقد أغلقت في وجوههم أبواب المعرفة والمهنية والنزاهة بالضبة والمفتاح…!
ماذا كان ينتظرنا غير الوصول إلى هذا المصير الأسود باشتعال حرب المدن على رءوس الناس إذا كان رؤساء تحرير الصحف ومخاتير الأجهزة الإعلامية من هذه الشاكلة التي رآها الناس إلى حد العري الكامل أمام دواعي الوطنية ومسؤولة الضمير وشرف المهنة..!


أي وهم كنا نعيشه أمام هذه النماذج المهترئة من البشر في كافة المجالات من صنائع الإنقاذ وهي تتفتح أبواب الشر والجهالة طوال ثلاثين عاماً وتطلق هذا الحشد من الأبالسة..وهي على سبيل التمثيل تأتي برجل يجلس على قمة الشؤون الدينية والأوقاف وهو يأكل أموال اليتامى ومخصصات الحجيج وعائد الأوقاف ومن خلفه وعاظ على شاكلة عبد الحي يوسف بقامته الأخلاقية القصيرة وهو يقبض من رئيس الدولة المال الحرام ليشيد بها امبراطوريته الخاصة التي تملك حق التصديق بالبث للقنوات الأخرى..

وهو ينكر على الملا استلام المال المسروق وما اعترف به رئيسه..رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المساحة من تخصيص 5 مليون دولار له من جملة المال المنهوب من الدولة..وما عبد الحي إلا نموذج لمئات من أمثاله يزحمون منابر الوعظ وبينهم من يرتكبون الفاحشة تحت منابر المساجد..!


هذا هو وهم دولة الإنقاذ ودولة الانقلاب الذي كنا نعيشه ونظن إننا نتحاور ونأخذ ونعطي مع بشر أسوياء.. وهذا هو ما انتهى بنا إلى هذه الحرب اللعينة..!


لا يزال إعلاميو المؤتمر الوطني يتحدثون عن شرف الإنقاذ وأن الشعب سيأتي بها محمولة على الأعناق..هل تصدق..!
كل هذه المذابح والدماء التي انتثرت على أرض السودان ومحرقة دارفور وفصل الجنوب وحتى هذه الحرب اللعينة التي استباحت الأرواح والخدور والحرز والبيوت واستهدفت كل مؤسسات وأبنية الوطن ونقض كل جدار واقف لا تجد ذرة ندم أو وخزة ضمير لدي كرتي وغندور ورفاقتهم..هيهات..! إنهم يتحدثون عن عودة الإنقاذ والاخونجية واستمرار الانقلاب بل إنهم يحملون الشعب أوزار الدعم السريع الذي أتوا بهم وباركوه وسلحوه إلى آخر لحظة تحت إشراف البرهان الذي كان أبعد مدى في مدح الدعم السريع من مبالغات الحكّامات..!! والآن الشعب هو الخائن لأنه لا يناصر الانقلاب على مليشياته التي صنعها بنفسه و(دوعلها) بكل غال وثمين من أموال الصحة والتعليم..!


كيف لا ينتهي بنا الأمر إلى ما انتهي إليه من هذه الحرب اللعينة وقد كان هؤلاء في مواقع صناعة القرار وفي رأس الشرطة والقوات النظامية والدبلوماسية ومنابر الوعظ وفي مؤسسات الإعلام والتربية والتعليم وهلمجرا..!
ثمن باهظ دفعه الوطن من أرواح أهله ومن أعضائهم وأعصابهم وعيونهم ومن انعدام الأمن ومن الرعب الجاثم في الهواء ومن دمار المؤسسات ومصادر الرزق وإهدار الموارد..وحرب مدن عبثية دموية من العيار الأثقل تتفوق بشاعتها على كل الحروب التي عرفتها البشرية ..ولولا “قصور إمكانيات القتال” لرأينا ما هو أفظع من الذي جرى من تدمير المساكن وهدم البيوت على رءوس ساكنيها..!!


كل هذه الأثمان الباهظة علها تكون عبرة بأن نعرف مكامن هذا الشر الذي جاء مع الإنقاذ وعرابها وصاحبه المخلوع وجماعتهم..وأن نفهم أنه ما كان سيولد غير هذه النماذج التي قادت السودان إلى هذا الخراب والموت والخروج من الديار.. وهم حتى الآن لا يخفون اعتقادهم بأنه لا بديل إذا لم يحكموا السودان بالقهر والنهب غير قتل الناس داخل بيوتهم..هذه عقيدتهم جميعهم بمناديبهم في جيش الدولة وشرطتها وداخل القضاء وعبر إعلامييهم وصحفييهم “آكلي السحت” داخل السودان وخارجه…!


هذا للاعتبار والعبرة وضرورة معرفة أبعاد هذه النفوس الإنقاذية الاخوانية الخربة وأبعاد الانتهازية الإجرامية الشبقة..ولكنها عبرة باهظة الثمن..!


الخلود لشهداء الوطن وأرواح الأبرياء..وعوض الفقد المر على الله..وستبقى ثورة ديسمبر العظمي التي سوف تعيد الأمور إلى نصابها.. فالأوطان لا تموت..!


ﻓﻴﺎ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻻﺩﻳﻢ ﺍﻓﺘﺢ
ﺑﺮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﻣُﺸﺮﻉ
ﻭ ﺍﻧﺪﻩ ﻟﻲ ﻣﺪﻥ ﺷﺎﺧﺖ
وأﻃﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﺮﺍﺣﺖ..ﺑﻴﻮﺕ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺕ
ﻓﻤﺎ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻳﻮﻧﺲ
ﻭ ﻻ ﺍﻧﺴﺪﺕ
ﺷﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﻮت..!

التعليقات مغلقة.