عشية العيد- قصة ثورة

عشية العيد- قصة ثورة
  • 19 ديسمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

الطيب عبد الماجد


في مثل هذه الأيام الخالدات من عمر ديسمبر الأخضر العام الماضي.. وبينما كانت المدن تتهامس خلسة فيما بينها أن ثمة شيء ما يلوح في الأفق ….!!!
كانت ( الدمازين ) الحرة قد صرخت نهارا جهارا أن صبرها قد بدأ ينفد ..!! فاستفاقت المدن علي وقت صيحتها …!!
بعضها اعتبره إحتجاجا راتبا علي سوء الأوضاع والبعض الآخر إنتبه أن النبرة مختلفة هذه المرة وأن ماوراء الكلام ….!!! كلام …!!
ومن ( الدمازين ) مكالمة هاتفية مباشرة مع الشقيقة ( عطبرة ) معقل النضال ..تستفسر الحال …!! وتسأل عن الأحوال …!! ( وما أدراك ما عطبرة ) …!!
هذه المدينة الملطخة بزيوت الماكينات ..!! والمعطرة بعرق الرجال …!!
والتي صحت يومها بمزاج متعكر وقد رأت في المنام ..!! ( أنها تمنحه ) ….!!
وردت علي صنوتها…!!
( أي نعم …!! يبدو أن الوقت أزف …!!)
لتخرج عن وقارها الرصين وصمتها الحزين تسطع كالضياء …!! وفاضت كما النيل …!!
فأحرقت دار من يحكم ..!! كحريق الظلم في الليل الطويل …!!
وتصاعدت السنة اللهب ووصلت سحابة الدخان الي تخوم المدن والفرقان …..!!

والقطار دور حديدو …!!

وتم رفع المحضر إلي الخرطوم ( الصابرة ) فوقعت العاصمة بمداد الثورة ….!! وصادقت علي حكم الشعب …!!
وبدأ الحراك ….!!!

ثلاثون عاما من الحكم كانت كفيلة أن تجعل الحاكم يبلغ درجه من الزهو والخيلاء تصور له أن كل خروج عن النص هو الكفر البواح …!! الذي يستوجب الحرب
وأسنة الرماح ….!!

فعمدت الحكومة ( الغاضبة ) من إحراق رمزها هناك لإخراج عدتها من السيارات والجنود في استعراض صريح ( للعضلات) وتلويح مجاني ( بالكلاشات )

ليخرج الثوار من كل فج عميق …!!
سنابل وعد …!! ورموز تغيير ..!!

لتدور رحى حرب الشوارع الضروس ..!!
تلاحقهم ( التاتشرات ) منزوعة اللوحات و ( الدسم )
عبر الساحات والأزقة والبيوت …!! يحركها الجاز والبنزين …!!
ويحركهم الإحساس واليقين ….!!! ومعالم نصر آت مبين ..!!
أفلا تعقلون …!!

في معارك غير متكافئة أكد فيها الثوار علو كعبهم
وهم يقفون على خطوط النار والحديد…!! بصدور من حديد وعزيمة لاتلين ….!! يرفعون أكفهم البيضاء…!!
ويهتفون من الجوف ……!!
لا للردة ….!!! لا للخوف .!!
وأحست الحكومة ( الشايفا روحا ) بالحرج والتوجس وكيف لثلة من المحتجين أن تربك حساباتها ( الجايطة ) وتقف أمام ترسانتها العسكرية التي زرعتها منذ أمد بعيد ليوم الوعيد …!! ورجالها يرصدون كل مربع …
حيث لاينفع اليوم مال ولا ( عيون ) ….!!! ولبئس الحصاد

فكانت حرب التصريحات الشهيرة بمثابه الوقود الذي يلهب الثوار ويزيد من إصرارهم …!!
وهم لايعلمون …
ولأول مرة منذ ثلاثين عاما يبدو النظام مرتبكا …!!
زائغ النظرات …!! يدعي الثبات ….!!
فغطت السنة الدخان سماء الخرطوم ( العكرانة )
وكانت الواحدة بتوقيت الثورة أسوأ توقيت يمر عليها منذ عقود …!!! وجداول ( المهنيين ) ترسم خطوط الرحلة وتحدد تاريخ الوصول …!!
لتشق الهتافات سماء المدينة ( المبروكة ) ..!!
وتعم كل البوادي والحضر….!! والكل حضر

حرية سلام وعدالة …!! والثورة خيار الشعب …!! ✌️✌️

ولأن الثوار ‏ كانو كرماء فقد عمدوا على رد العطايا من علب ( البمبان ) من حيث أتت …!!
فأطل وقتها ( جردل مان ) المتخصص في إبطال مفعولها كتما وخنقا …..!!
وكشفت الثورة النقاب عن أيقونة سلاحها آنذاك …!!
( رفقة ) المضادة للصواريخ ) 😍..

وقد جاء ( بمبانها ) نفسه يحاكي واقع الحال الإقتصادي البائس …!! فقد قرأ المحتجون تاريخ إنتهاء صلاحيته وطالبوا الحكومة ( ببمبان ) جديد صالح للاستخدام يليق وعطاءهم الثوري علي الأرض ….وهم يتقدمون

وقد خرجت بنات السودان ( النواضر ) جنبا الي جنب مع الرجال يسطرن ملحمة من الشجاعة والصمود أذهلت المراقبين ….!! ( ويا بنات أبقو الثبات ) …!!

وأسر السودان الباسلة تدفع بفلذات أكبادها الى قلب الشوارع ( الملتهبة ) في تحد صريح و إيمان مطلق بأن الوطن أكبر و أسمى …!!! أحلى وأنضر
والحي الله و ( الكاتل ) الله ….!!
حيث فتحت البيوت والقلوب ….!! 😍
ويا شعبا تسامى

ترى الفتى منهم هادئ القسمات …!! حاد النظرات نحيفا رهيف ….!! مبعثر الشعر ..( أغبر ) …!!
لكنه عنيد صنديد ..!! يقف أمام الرصاص ذات الوقفة أمام المرمي في ( دافوري ) العصرية ( وسداسيات ) الليل ….!! وهو أكثر إنتباها وصمود هذه المرة فالحصة اليوم وطن ….!! وضربات الجزاء قد تكلفه الحياة ….!!
وقد جابوا الشوارع في ( حراية ) الخرطوم التي لاترحم ….!!
ملأوا الطرقات …وعلوا أسطح المنازل …!! وعبوا الساحات …!! أرضا وسهلا وجو …!!
بعزيمة لاتفتر …!! و( حرارة قلب ) فشل ( بندول ) النظام في خفض درجاتها ….!!
وكانو كالمطر ..!! ترى برقه وتسمع الرعود …!! لكنك لاتدري أين المصب …!!! ومتي يحين ميعاد الهطول
..!!😍😍

ونفد صبر الحكومة هذه المرة …وقد استشعرت أن الخطر يدق الباب…!!! فانطلقت رصاصات الموت الحية تنال من أبطال الشوارع ….
وسقط ( عبد العظيم ) ( واقفا ) في شارع ( الأربعين ) …
فاهتز شارع ( القصر ) ….!!
وساكنه يتحصن في قصره المنيف …!! ولا عاصم اليوم الا الله …!!

وانتشرت رائحة الموت والبارود …!! وأيقن الأبطال أنهم
ماضون نحو غايتهم ولا سبيل الى رجوع …!!
وتسقط بس …!! حكومة الجوع ….!!

وهم يتغنوا وسط العتمة والغمام بأهازيج الحب والموت والسلام ….!! في متلازمة الأمل والحياة ….!!
حيث التقت كل الأقدار في شوارع الخرطوم ..!!
( والحكومة الراكبة ( تاتشرات ) …!!
ويتواصل الزحف والسلطة تستشعر من جديد أنها أمام سلاح نوعي هذه المره ..!! وجينات جديدة لم تفحصها ( الإنقاذ ) من قبل في معامل ال DNA
الخاصة بالمناضلين والنشطاء التقليديين والتي كانت ترصد حركتهم وتستدعيهم الي مبانيها استباقا لوأد كل حراك …!! لكن الأمر خرج من يدها هذه المره
وأتاها الخبر من جيل ولد في عهدها …!! وقد اختارت المال وتركت البنون ….!! ( وماظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ))
إنشغلت عنه بمشاغل الدنيا وحمى ( الدولار ) وأبنائها ( الأقربون ) …!!
وتركته يتيما علي قارعة الطريق وأرصفة الشوارع وضفاف النيل …!! يتجرع الضياع …ويعاني الوحدة وانسداد الأفق وقلة الحيلة …..!! دون خطط أو برامج عمل ….!! متسكعا علي رصيف الأمل والإنتظار …!!
يتابع الدوري الإنجليزي ويندب حظه العاثر عبر جلسات الأنس البريء وعلي صفحات ( الفيس ) وثنايا ( الواتس ) …!!
في الرأس ( سمبك ) وفي القلب حسرة ….!!
و شتتونا ديل يامان …!!! 😥

يبحث عن الحلول … مستفسرا ( قوقل ) أحيانا
ويدير محركات البحث أحايين اخري ليرى العالم ويمارس العبور …..!!!

وقد أختار السودان …وقرر الطوفان …!! ✌️✌️✌️

أحنى ( الشفاتة ) ظهورهم لتركب ( مهيرة ) عليها وتعدي …!! في واحدة من لقطات الثورة ( الملهمة )
فتناقل العالم المشهد…!! وأيقن أنه أمام طفرة جينية تجاوزت معامل النظام ….!!

واستمر السجال بين ( الفيلق ) والأبطال والحكومة ترمي بكل ثقلها في معركة خاسرة ..!! ومواجهة بائسة…!!
وما أقسى أن تقتل شعبك بدل أن تحتويه…. !!
فالشعوب إذا خرجت لن تلجمها البارجات والكروز …!!
ولن تعود …!!✌️

وكانت ثورة الشعب التي ألهمت العالم ..وقد تمسكت بسلميتها ورباطة جأشها ودخلت في أقسى المنعطفات ضراوة ..!! ومورست معاها كل الخطط والضغوط للخروج الى خط النار ….!!! غير أنها أبت واستمسكت بسلميتها ( العذبة ) وخطها ( الملهم ) رفضت وترفعت فكان لها العلو وقد …سمت …!!!
( كوكب منزه في علاك )
…!!
يحرسها شباب حر وبنات ( راكزات ) ….!! وشعب (عبقري) خلق وجينات الحرية تسبح في دمائه الذكية ….!!! وكل في فلك يسبحون

ليسطر السودانيون في الخارج ملحمة نادرة وهم ينتشرون في بقاع الأرض أقمارا وشموس …!!
من ( سان فرانسيسكو ) حتي سواحل ( سيدني )
سفراء للإنسانية والحرية والجمال …وممثلين لإنسان السودان الباذخ المفضال ….!!
وهم الذين ما انفكوا يدافعون عن أرضهم مع بعد المسافات …!! وكانوا علي الموعد رغم فارق التوقيت
….!!!
جسدهم في ( باريس ) وروحهم في ( بارا ) ….!!
وكل البلد دارفور ….!!

تتجاوز أحلامهم ثراء ( تايمز سكوير ) ….وشهرة ( بيكاديلي ) وعظمة ( اللوفر ) وعلو ( برج خليفة )
ليروا في منامهم ساحة المولد …!! ولمة العيد…!!
و حفلة لي ( أبو اللمين ) …
ولو وشوش صوت الريح في الباب يسبقنا الشوق قبل العينين ….!!!
والغريبة الساعة جنبك تبدو أقصر من دقيقة …!! 😍😍

وقد خرجوا صفا صفا …! وقطعت هتافاتهم المحيطات والبحار …!! وضربت سواحل المدن ( المنتفضة ) ….!! فاهتزت وربت وأخرجت من
كل زوج ( شهيد ) ….!!

نقلوا إحساس شعبهم في الداخل وعلي الهواء مباشر
بعد أن ترددت ( ترددات ) الفضائيات في نقله
فوصل ( الحدث ) لكل الدنيا والتي وقفت احتراما و إجلال لهذا الشعب الجسور …!! ورفع ( الفرنجة ) القبعات تحية لثورة الحب والفخار ….!!
وكان لها النصر المبين بوصولها الي عتبات الجيش عنوة و اقتدار …!!
لتنيخ ( زاملة ) الثوار راحلها الي جوار القيادة مكتملة الأركان والقرار .. وتعلن البقاء تحت أسوارها …!! حتي تحقيق الرجاء ….!!
حيث أعلنت الوقوف حدادا وحلال …!! وربطت الحزام لحين سقوط النظام …!!

وعندما تزغرد ( أم درمان ) الوفية تعرض ( الخرطوم ) العصية …!! وتنسجم بقية المدن في ذكر صوفي نبيل
وترتشف من ( دن ) الحقيبة ( دنيا ) …!! فتهتز وتطرب
و أنا من صفاك مسحور …بالله إنت ملاك
ولا من حسان الحور ……!! يا ناعس الأجفان ….😍

لتسطر في هذا المكان ملحمة أسطورية جديدة من ملاحم النضال التي سيظل يذكرها التاريخ وتحكيها الأجيال …!! في أعظم إعتصام في تاريخ السودان المعاصر … أكد من خلاله السودانيون عظمتهم
وبصموا علي تفردهم …!!
و أن كل ما يتداوله العالم حول نبلهم وأخلاقهم وشجاعتهم ويذكره التاريخ في سفره …!! هو أقل مما ظهر منهم في هذا المكان ( الرمز ) وهذه البقعة ( الجسورة ) التي شهدت أعظم ارتكاز بشري في التاريخ الحديث …..!!!

حيث وصلت القيم الإنسانية الي الذروة ولاحت أنوار الصباح …!!! وعلت الروح الوطنية الى أفق السمو وتماس الفلاح ….!!
وتجلت النزعة الثورية حد التحليق والكفاح ….!! فكان المكان مزارا للعالمين ….!! وقبلة للثوار …!! ورمزا للأمل والنجاح …!!
غنى علي مسرحه ( ماو ) ….وحلقت فوقه ( أطيار ) النفق الجمهوري…!! وتجول فيه ( برعي ) السعيد 😍

كنا لانري بعضنا البعض …!! إلا لماما
نتقاطع في طرقات الحياة القاسية ودروبها الشاقة … …..!! …!!!
حتي اتيحت فرصة تلاق نادر صريح…!! علي وقع استعادة وطن جريح …..!! فكان لقاء الكبار …في هذا المكان المزار ….!!
ليخرج كل سوداني أغلي ماعنده من كنوز يقدمها
في خصاصة وإيثار ..!! بروح سودانية كاملة الوسامة …!! عالية المزاج ….!!
وكنا داخل روضة مافيش حد سوانا ….!!🌹😍

وكل يريد أن يقدم شيئا …حتي لو ابتسامة
خاطفة عفيفة وسط هذه الأجواء المشحونة…!!
علها تسرب لك شيئا من الدفء وترفع بعضا من روحك المتوثبة ….!!!
والشاي بي جاي
ولو عندك خت ماعندك شيل ….!!
وكلنا ختينا …!!
لكنهم اختارو الثانية …ولبئس المصير

لتأتي ماكينة الموت من جديد…!! تحصد سنابل الحياة
في صباح العيد …!!!
وتشيل ….
وتمتد يد الخراب وتعمل فيه حرقا وتقتيل …!!
في محاولة بائسة لطمس هوية شعب ينتفض …!! والنيل من كبرياء أمة عصية على الإنكسار …!!
وفاتهم أن الشعوب لاتموت ….!! وأن القيم الاتندثر والشوارع لاتخون …..!!!

قد يتفرق الجمع ….نعم …!!
ولكن تبقى رمزية المكان ما بقي الزمان …!!
فالإعتصام فينا ولسنا فيه ….!!

وبينما الناس تائهون لهول الصدمة وإذا بالصوت الآتي من خلف التكوين يملأ الفراغ …!! ويسد الآفاق

ياسارية الجبل …!! ؟؟؟ 😳😳

وقد استرق ( سارية ) السمع وأنصت ….!!
لتلبي الجموع النداء وتعتلي سفح جبل العزة والشموخ مستعصمة من جديد ….!!

فامتص ( المعلم ) صدمة الإعتصام المزلزلة …!!! واحتسب شهدائه كواكب عزة …وعلامات نصر …ومضى نحو الفلاح …!!
ليزحف من فوق هذه المرة …🇸🇩🇸🇩🇸🇩
وقد عانقت الملايين الشوارع العطشى في ذكرى الثلاثين السخين …!! لتهز الجموع الهادرة الأرض تحت أقدامها … وقد جاءوا من كل فج وطين …!! رافعين صوت الثورة وصور شهدائها الميامين …..!!! فوصل صوتهم ….وقد جاء الخبر اليقين ….
أفلا تنظرون …!!!

ليبعثوا برسالة للناس اجمعين
أن هناك شعبا أبيا وحر …!!
خرج عبر ( ثلاث ) دورات في التاريخ بحثا عن حرية
وعشما في سلام …!! وشوقا لعدالة …..وحتما سيكتب له الوصول ….. ونصر الله المبين …

( والتالتة ثابتة )

حرية سلام …!! وعدالة …!!
والثورة الكلها حب 😍🌹

حرية سلام وعدالة ….!! والثورة خيار الشعب ✌️

فطوبى لكم أيها الكبار …!!! وسلام عليكم في العالمين …..!!

..

التعليقات مغلقة.