مطار ولاية الجزيرة… ضرورة قصوى لاستعادة نبض الوسط السوداني

مطار ولاية الجزيرة… ضرورة قصوى لاستعادة نبض الوسط السوداني
  • 20 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

محجوب الخليفة

▪️ليست المطارات مجرد مبانٍ إسمنتية يجتمع فيها المسافرون، ولا هي بوابات لعبور الطائرات فقط؛ المطارات ــ في جوهرها العميق ــ منظومات حياة، ومفاتيح تنمية، وشرايين تضخ الحركة الاقتصادية والاجتماعية في جسد الدولة. وفي السودان، تبدو الحاجة إلى مطار حديث في ولاية الجزيرة ضرورة لا تحتمل التأجيل، بل تمثل الخطوة الأكثر عقلانية لإنقاذ الوسط السوداني وإعادة تشغيل قلبه الاقتصادي النابض.
فالجزيرة ليست ولاية عادية؛ إنها مركز السودان الزراعي الأول، وملتقى طرق التجارة بين ولاية الخرطوم وولايات النيل الأبيض وسنار والقضارف. ومع ذلك، يفتقر هذا الإقليم الواسع إلى منفذ جوي حيوي قادر على دعم حركة السفر ونقل البضائع والصادرات، في وقت أصبحت فيه حركة الطيران جزءًا من معيار التنافس الاقتصادي بين الدول والولايات والمشروعات.
المطار… ضرورة تمليها الجغرافيا والاقتصاد
——————————-
▪️الناظر لولايات الوسط السوداني يدرك حجم المعاناة الناتجة عن غياب منفذ جوي قريب ومؤهل. فالمحاصيل الزراعية والصادرات الحيوانية ومنتجات الألبان والخضر والفاكهة وغيرها، تخسر الكثير من قيمتها بسبب طول رحلة النقل إلى المطارات البعيدة، إضافة إلى التكاليف المتراكمة والفواقد اللوجستية.
وجود مطار في الجزيرة يعني قدرة الولاية وولايات الوسط الأخرى على:-
▪️تصدير المنتجات الزراعية الطازجة خلال ساعات بدلًا من أيام.
▪️جذب المستثمرين عبر تسهيل حركة الوصول والمغادرة.
▪️تشغيل منشآت التخزين والتعبئة والتغليف المرتبطة بسلاسل الإمداد العالمية.
▪️رفع القدرة التنافسية للصادرات في الأسواق الإقليمية.
▪️تخفيف الضغط عن مطار الخرطوم الذي تحوّل إلى منفذ وحيد.
في عالم اليوم، لا يمكن الحديث عن نهضة اقتصادية من دون بنية لوجستية قوية، والمطار هو حجر الأساس فيها.
مطار يخدم الإقليم وليس الولاية وحدها
     ——————
▪️ولاية الجزيرة، بموقعها الوسطي، ستقدّم خدمة تتجاوز حدودها الإدارية لتشمل:-
▪️ولاية النيل الأبيض ذات الإنتاج الحيواني الضخم.
▪️ولاية القضارف بأراضيها الزراعية الواسعة وصادرات السمسم والذرة والفول.
▪️ولاية سنار وامتداد المشاريع الزراعية والصناعية فيها.
هكذا يصبح المطار مشروعًا قوميًا يخدم أكثر من 12 مليون نسمة، ويخلق محورًا تنمويًا جديدًا يربط الوسط بالشرق والجنوب والشمال.
الفوائد العاجلة والمباشرة
      ——————–
تنشيط حركة السفر:-
———————-
▪️الأطباء، رجال الأعمال، الطلاب، والمرضى يحتاجون إلى منفذ جوي قريب يوفر الوقت والجهد ويخفف زحام الخرطوم.

دعم الاستثمار الصناعي:-
—————————-
▪️يمنح المطار ميزة إضافية للصناعات القائمة مثل مصانع الغزل والنسيج والزيوت والأغذية، ويشجع أخرى جديدة تعتمد على النقل السريع.
تشغيل الشباب:-
———————-
▪️المطار ليس مبنى واحدًا، بل مدينة عمل كاملة تشمل الأمن، الخدمات الأرضية، شركات المناولة، النقل الداخلي، الفنادق، المطاعم، التدريب، وغيرها.
تحريك الأسواق:-
———————
▪️توفر الحركة الجوية رواجًا للمحال التجارية، شركات السفر، أعمال الصيانة، والتجهيزات الإلكترونية.
مطار الجزيرة… رؤية لبناء المستقبل
——————–
▪️لبناء مطار فاعل، لا بد من رؤية حديثة تقوم على:-
تصميم دولي قادر على استقبال طائرات الشحن الحديثة.
منطقة حرة لوجستية للتخزين والتصنيع الخفيف.
منظومة إلكترونية ذكية لإدارة الحركة، تتماشى مع توجهات العالم في التحول الرقمي.
ربط بري قوي بشبكات الطرق المحيطة.
خدمات متكاملة للركاب تضاهي المعايير الإقليمية.
إنشاء مثل هذا المطار سيحوّل الجزيرة إلى مركز لوجستي إقليمي يربط السودان بالقرن الإفريقي والخليج والأسواق العربية.
لماذا الآن؟
—–‐——–
▪️لأن الوسط السوداني فقد الكثير خلال السنوات الماضية—مشاريع متوقفة، طرق متهالكة، ونزيف بشري واقتصادي مستمر. المطار ليس رفاهية، بل وسيلة لإعادة الحياة للإقليم وإحداث توازن تنموي يعيد توزيع موارد الدولة بدل تركّزها في الخرطوم وحدها.
وفي زمن تتسابق الدول فيه لبناء البنى التحتية التي تزيد من قدرتها التنافسية، يجب ألا يبقى السودان خارج هذا السباق.
مطار الجزيرة ليس مجرد حلم؛ إنه خيار استراتيجي عاجل.
▪️ المطارات تُشيَّد حين تفكر الدول بعقلٍ طويل النظر، وتنتزع لنفسها مكانًا على خارطة الاقتصاد العالمي. وفي حالة الجزيرة، فإن المطار ليس مشروعًا محليًا، بل هو صوتٌ مرتفع في مصلحة الوطن، ودليل على أن السودان قادر على أن ينهض من جديد ببناء ما يربط الناس، ويُسرّع الحركة، وينعش الاقتصاد، ويزرع الأمل في قلب الوسط السوداني الذي كان دائمًا مصدر الحياة.
مطار الجزيرة… ضرورة قصوى، لا ترفًا، ولا طلبًا ثانويًا، بل مفتاح عودة النبض لولايات الوسط والسودان كله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*