قرار مجلس حقوق الإنسان وعودة دارفور للجنائية الدولية مجددا

قرار مجلس حقوق الإنسان وعودة دارفور للجنائية الدولية مجددا
  • 18 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

السر العجمى

أن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في الفاشر تجاه المدنيين فهى جرائم ممنهجة وجرائم كلها تدخل في نطاق الجرائم   التي نص عليها نظام روما الأساسى لعام1998 ،و بالرغم من أن الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان تجاه المدنيين العزل من قبل أطراف الصراع بدأت منذ نشوب حرب أبريل إلا أن ماحدث في الفاشر كان أشد وحشة وبربرية  حيث يعتبر ماحدث في الفاشر أكبر كارثة إنسانيىة في تاريخ البشرية. وقد شاهدها كل العالم من خلال الفيديوهات المنتشرة في الميدياء. لذلك ظل كل العالم يراقب جلسة مجلس حقوق الإنسان وماسوف يتخذه من إجراءات ، تجاه العنف المتزايد تجاه المدنيين وعدم تقييد أطراف الصراع بقواعد القانون الدولى الإنسانى واتفاقيات جنيف خاصة أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن فشلا في اتخاذ إجراءات وقرارات جادة لحماية المدنيين. فضلا عن ذلك فشل كل الجهود المبذولة لحسم الحرب ووقف الصراع حيث أضحت  الحرب السودانية في حالة اللاحسم.
وفى الجمعة الرابع عشر من نوفمبر 2025, انعقدت بجنيف جلسة أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وأصدر المجلس  وبالاجماع قرار ينص على تشكيل  بعثة مستقلة لتقصى الحقائق من أجل التحقيق  في عمليات القتل الجماعى التي ارتكبيت في الفاشر بالسودان. وطالب القرار من بعثة تقصي الحقائق إجراء تحقيق عادل، بما يتوافق مع ولايتها بشأن الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسانى المرتكبة في الفاشر وحولها، كما يطالب بعثة تقصي الحقائق  تحديد جميع الأشخاص الذين تتوفر ضدهم أسباب معقولة للاعتقاد بانهم مسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات المزعومة، ودعم الجهود الرامية إلى ضمان مساءلة مرتكبي تلك الانتهاكات.
وأدان القرار “بشدة” ما وصفه بـتصاعد العنف والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المرتبطة بها في الفاشر وما حولها، بما في ذلك عمليات القتل ذات الدوافع العرقية، والتعذيب، والإعدامات الميدانية، والتجنيد القسري، والاعتقال التعسفي، والاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب. وأعرب القرار عن “القلق العميق إزاء العواقب الإنسانية الكارثية في الفاشر والمناطق القريبة، حيث يواجه آلاف المدنيين، بينهم أطفال، خطر الهجمات والنزوح وانعدام المياه والغذاء والرعاية الطبية. وحث القرار “جميع الأطراف” على “السماح بالوصول الفوري، والآمن للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك التوسع في إيصال المساعدات عبر الحدود”، كما دعا كلاً من “الدعم السريع” والجيش إلى “السماح بوصول الإغاثة إلى المتضررين في الفاشر.
ومن خلال قراءة القرار من الناحية القانونيةنلاحظ أن قرار مجلس حقوق الانسان بتشكيل بعثة تقصى الحقائق في الفاشر، دون غيرها من الانتهاكات التي ارتكبيت في الجزيرة وسوبا وسنار وغيرها من المدن. ممايثار في الذهن السؤال التالى لماذا حصر عمل بعثة تقصى الحقائق في الفاشر فقط؟
يبدو ذلك حتى لاتثار مسألة الاختصاص لاحقا بشأن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بحكم أن الفاشر تقع في إقليم دارفور،  بحكم أن ملف  أقليم دارفور احيل سابقا للمحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار مجلس الامن1595فى مارس2005.الذى أحال الوضع في إقليم دارفور  بالسودان الى المحكمة الجنائية الدولية وطالب السودان بالتعاون مع المحكمة.
فالمحكمة الجنائية الدولية  ولايتها تشمل كافة الأفعال والجرائم المنصوص عليها في المواد من (5) الى (8) من نظام روما الاساسى، وتشمل أيضا الأشخاص المتورطين فيها باى شكل من الاشكال.و مازالت ولايتها سارية فضلا عن ذلك تستطيع توسيع  ولايتها طالما تلك الجرائم ذات صلة بالجرائم  والوضع السابق في الإقليم. وبالتالي لم تكن المحكمة بحوجة مره اخري لقرار إحالة من مجلس الامن وتفويت فرصة الفيتو للاعضاء الدائمين بالمجلس.  خاصة في ظل الانقسامات الدولية وتباين الآراء حول الحرب في السودان من قبل الاعضاء الدائمين بالمجلس. خاصة روسيا والصين.فضلا عن ذلك بمجرد إحالة وضع إقليم دارفور من قبل المجلس تكون المحكمة قد حصلت على اختصاص شامل في الجرائم السابقة واللاحقة والمعاصرة في ذات الإقليم (إقليم دارفور). بالإضافة الى ذلك لا اعتبار فيما يثيره السودان بشأن الاختصاص، خاصة ان الإحالة تمت سابقا من قبل المجلس ومعلوم ان الإحالة من المجلس يجعل اختصاص المحكمة ممتد حتى للدول غير الأطراف في نظام روما .
فالقرار الصادر من مجلس حقوق الانسان بشأن تشكيل بعثة تقصى حقائق من الواضح انه سوف يعيد دارفور للجنائية مجددا. خاصة بعد ان تنتهى اللجنة من عملها الذى نتيجته واضحة للعيان من خلال الانتهاكات والجرائم الممنهجة ضد المدنيين المنتشره في الميدياء. فهذا القرار تضح أهميته القانونية في انه وضع المحكمة الجنائية الدولية امام مسؤولية  لمعاقبة مرتكبى تلك الجرائم وعدم افلاتهم من العقاب.  وأخيرا لابد من الإشارة الى الطبيعة القانونية للقرار فقرار مجلس حقوق الانسان هو قرار غير ملزم بخلاف القرارات التي يصدرها مجلس الامن الدولى فهى ملزمة.
أما بالنظر الى قراءة القرار من الناحية السياسية، لفت انتباه العالم والمجتمع الدولى  لما يحدث من مجازر بالسودان، والمطالبة بانهاء حالة الصمت واتخاذ إجراءات محاسبية من قبل مجلس الامن تجاه اطراف الصراع ،  وبذل الجهودلوقف الحرب، فضلاعن ذلك الضغط على الطرف الذى يرفض الجهود التي تقوم بها الرباعية فيما يتعلق بخارطتها بشان وقف الحرب  والتوقيع على الهدنة الإنسانية. وهنا أيضا يثار السؤال التالى هل يعيق  أو  يعرقل هذا القرار الذى يشير بصورة واضحة الى إحالة الملف الى  المحكمة الجنائية  الدوليةالجهود المبذولة من قبل الرباعية في سبيل وقف الحرب والوصول الى اتفاق سلام.؟
في اعتقادى ان ذلك لايشكل اى عائق في التوصل الى السلام، وذلك  لانه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الامن سلطة سياسية مطلقة فيما يتعلق بالامور التي تنطوى على حفظ واستعادة وبقاء السلام، ففي مفهوم سلطات مجلس الامن بموجب ميثاق الأمم المتحدة ووفقا للمادة (16) من نظام روما الاساسيى يجوز لمجلس الامن أن يطلب وقف الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الدولية لمدة 12 شهر .

الوسوم السر-العجمى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*