مشكلة الجنرال وصاحبه

مشكلة الجنرال وصاحبه
  • 04 نوفمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

يضع على رأسه (بيريه عليه نجمتان) باسم الجيش والجيش منه براء..! ويظن نفسه مونتجمري في ساحة معركة العلمين ورجلاه عالقتان في الشوك ووحل الإنقاذ.. وائتماراته تأتي من الفلول وليس من الجيش السوداني بتاريخه وسجله الذي يستند وينبغي أن يستند على المهنية العالية والوطنية الرحيبة والقومية الخالصة والمسؤولية الجسيمة عن أمن الوطن وأهله..! ولكن البرهان يستخدم موقعه في الجيش ويرهن نفسه لمجوعة عقائدية لفظها الشعب ولا يتردد في أن يعتقل سياسيين وصحافيين ونقابيين ونشطاء ووزراء وأعضاء مجالس دستورية يجرجرهم عسس مجهولون من منازلهم ويجعلهم البرهان (رهائن) لمجرد أنهم ليسوا على هواه هو شخصياً وهوى صاحبه..

فهو يحكّم بمقاييسه الذاتية فيمن يحب ويكره..!! فالبرهان يتحرك من اعتقاداته وانتماءاته ومزاجه وحماية ذاته المصونة وليس من صلاحيات منصبه في القوات المسلحة.. وأسوأ من ذلك انه يريد أن يصوّر المآخذ عليه والانتقادات الموجّهة له ولسلوكه وتصرفاته بأنها قدح في الجيش ومعاداة له..وهذه من أردأ صنوف الفتنة التي لا تصدر من الرجال الكبار.. ولكن…(يا فؤادي لا تسل أين الهوى)..!!

إذا شئنا الإنصاف والدقة في التقييم في ما يجري حالياً في بلادنا فلا بد أن نقول إن إدراك البرهان وصاحبه قائد الدعم السريع أقل من مستوى استشعار معاني الوطن والوطنية والتعاطي بالشأن العام.. فهما غائبان غريبان عما يعتمل في صدور الجماهير وبعيدان عن تيارات الوعي وعن إدراك ما يجري في الدنيا وعن طموحات وتطلعات الشعوب نحو الحرية والكرامة والنهضة والتقدم وعن فهم معنى المواطنة وحقوق البشر وقواعد الإنسانية وحُرمة الدماء والأجساد والعقول والضمير..

فهما لم يتلقيا في حياتهما ما يعينهما على التقدير السليم في التعامل مع البشر ومع المجريات المحلية والإقليمية والدولية..! فتولى المواقع في عهد الإنقاذ لم يكن يحتاج إلى تأهيل.. بل كان غاية التأهيل فيه هو (عدم التأهيل)..! ففي زمن الإنقاذ يمكن (مثلاً) أن تكون رئيساً للبرلمان إذا تدنّت مؤهلاتك إلى حد الإسفاف..! وقد رأينا آخر رئيس برلمان للإنقاذ وهو يقف ليخاطب الشعب السوداني بقوله: (بعد أسبوع نشوف..أي راجل يقدر يرفع راسو عشان نقطعو ليهو…ونحن حندور ماكينات طباعة العملة ربرب ربرب ربرب ررررببببب للسقف)..!! فهل بعد ذلك من يماري كيف كانت الإنقاذ تصنع نجومها ورموزها..!

أنت في عهد الإنقاذ..؟! لقد (عفيناك) من التأهيل والعلم والمعرفة.. فما حاجتك إليها..؟!! وعفيناك من الأخلاق والأمانة وما شابه..! فنحن نتطلب مؤهلات أخرى هي (غياب المؤهلات)..وألا تأخذك في خوض الباطل أو تحرّي الكذب (لومة لائم)..وألا تخجل اليوم عمّا فعلته أو قلته بالأمس..فما هي المشكلة..؟! والذين يعرفون كواليس الإنقاذ يقولون أن عرّاب الانقلاب وحركتها المتأسلمة ونائبه (صاحب كتائب الظل) لم يكن اختيارهما للمخلوع إلا وفق هذه (القاعدة الإنقاذية الذهبية)..ولم يخذلهما الرجل.. إلا في انه قام بتطبيق ما تعلّمه منهما في (عض الأيدي) التي تقف في طريقه.. حيث أن (التعاهد على الشر) لا يمنع من تغليب المصلحة الذاتية..وكل حكاية الإنقاذ وحركتها ما هي إلا (عربة اسمها اللذة) واللذة هنا تعني السلطة الغشوم والعنجهية وقتل الناس وحيازة المال ونهب الموارد والتطاول في العقارات.. وما عدا ذلك شعارات كاذبة معلّقة في الهواء حيث تنعدم الثقافة العامة في هذه الأوساط ولا تسود غير ثقافة الادعاء الكاذب من نوع (لا للسلطة ولا للجاه) وثقافة القتل والسحل (فلترق كل الدماء) وبقية (الكذبات العواتك) التي ظلت تتردد في فضاء السودان ثلاثين عاماً..هذا هو تاريخ الإنقاذ وميراثها الذي يريد إعادته البرهان وصاحبه عن طريق المصفوفة الفلولية الأثيرة: (مصفوفة الفقر والمرض والجهل والحرب والقتل والخراب واللصوصية)… الله لا كسّب الإنقاذ ..!!

murtadamore@yahoo.com

التعليقات مغلقة.