غرب المحس تزهو : مستشفى الترعة يرتقي للدرجة(أ) فخرا للجميع

غرب المحس تزهو : مستشفى الترعة يرتقي للدرجة(أ) فخرا للجميع
  • 10 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

السمؤال محمد إبراهيم

ها هو فجر الفرح يتسلل إلى أفق غرب المحس، حاملا نور الفخر والاعتزاز في كل زاوية من زواياها، وعلى أهل بركة المحس الذين طالما حملوا على عاتقهم أعباء المرضى، وصبروا على مشقة البحث عن العلاج، حاملين روح التضحية والإيثار في صمت. اليوم يعلو صوت السرور في قلوبهم، معلنا عن لحظة تاريخية، حين نالت مستشفى غرب المحس (الترعة) شرف الترفيع إلى الدرجة (أ)، تقديرا لمسيرة مشعة بالعطاء والإخلاص، ولجهود متواصلة لم تعرف الكلل منذ تأسيسها عام 1990م. إن هذا الإنجاز ليس مجرد خطوة إدارية، بل هو اعتراف فخور بدور المستشفى كمنارة للعلم، وملاذ للإنسان، وصرح يرمز لصبر أهالي المحس وإيمانهم بأن العطاء والعمل المخلص يولدان المعجزات. هذا الصرح العظيم لم يبنى بالحظ ولا بالصدفة، بل كان ثمرة الجهد الذاتي لأبناء المحس الأوفياء، الذين بذلوا دم قلبهم وعرق جبينهم من الداخل والخارج، ليصبح ملاذا للمرضى، ومنارة للعلم، ومكانا يلتقي فيه العطاء مع الإنسانية.
ورغم مرارة الحرب والموت والدمار، هناك من يصنعون الحب والجمال، من يعمرون الأرض، ويرسمون البسمة على وجوه أهلنا الطيبين، ليبقى الأمل حيا، والرحمة حاضرة، والإنسانية شاهدة على أن قلوبا صافية وأيادي مخلصة قادرة على صناعة المعجزات، حتى في أصعب الظروف.
إن هذا الإنجاز العظيم لم يكن وليد اللحظة، بل هو ثمرة إرادة صلبة كالصخر، وجهد دؤوب لا يعرف الكلل، وتناغم متقن بين إدارة المستشفى وكوادره الطبية والإدارية، الذين جعلوا من خدمتهم رسالة إنسانية سامية. لقد امتدت أياديهم البيضاء لتصل إلى أكثر من ثلاثين ألف نسمة، من دنقلا إلى أرقين شمالا على ضفاف النيل، مقدمين خدمات طبية وجراحية نادرة، يستقبلون اختصاصيين في شتى التخصصات، ليظل مستشفى الترعة منارة للعلم والطب، ومنبرا للرحمة الإنسانية، حيث يلتقي العطاء بالإبداع، ويصبح كل مريض فيها شاهدا على الجهد والإخلاص والكرم، وكل خطوة فيها شهادة على قدرة الإنسان على تحويل الإرادة الصادقة إلى معجزة حية تخدم المجتمع.
ولا يسعنا في هذه اللحظة التاريخية إلا أن نرفع أسمى آيات التحية والامتنان لمركز الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود الخيري لغسيل الكلى بمستشفى الترعة، الذي كان بعد الله سببا مباشرا في هذا الترفيع، وجسرا امتدت يد العون منه من ربوع المملكة العربية السعودية إلى أقصى شمال السودان، لتلامس أرواح المرضى وتخفف عنهم مشقة البحث عن العلاج. لقد كان عطاؤه السخي ودعمه الكريم شعلة أضاءت طريق التطوير، وارتقى بالمستشفى إلى أفق أرحب، وجعل خدماته أكثر شمولية ورقيا، ليصبح مثالا يحتذى في العطاء الإنساني والخيري، شهادة على سمو الأخلاق وعظمة القلب.
وإذ نرفع له أسمى آيات الشكر والوفاء، نثني على صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، سليل بيت الكرم والإنسانية، سائلين المولى أن يحفظه ويزيده عطاء ورفعة، وأن يجزيه خير الجزاء على دعمه الذي لم يقتصر أثره على المستشفى فحسب، بل امتد ليصبح صرحا طبيا يفيض بالعطاء والرحمة، ويشع نور الإنسانية في قلوب آلاف المرضى.
لقد علت فرحة أبناء شياخة شدة الحضارة والتاريخ، وكجبار الصمود، والترعة رعاية الحقل الصحي، بل وجميع شياخات البركة وأضحت قلوبهم تنبض بالبشر والسرور، وهم يعبرون عن اعتزازهم العميق بهذا الإنجاز العظيم. فقد وعدتهم ترقية مستشفى الترعة للدرجة (أ) بتخفيف عناء المسافات الطويلة، وبتقديم خدمات طبية سريعة، راقية الجودة، تلامس حاجاتهم الإنسانية، وتمنحهم الأمان والثقة في رعاية صحية تستحقهم. إنهم يشيدون بكل فخر بالجهود الجبارة للكادر الطبي والإداري، الذين أضاءوا الليل بالعمل الدؤوب، وسطروا بسواعدهم قصص العطاء والإخلاص، ليصبح المستشفى منارة للرحمة والعلم، ومأوى لكل محتاج، حيث تتلاقى الإرادة الإنسانية مع الكفاءة الطبية، فتزدهر الخدمة وتسمو الرعاية، ليشعر كل مريض بأنه بين أيد أمينة، وأن كل لحظة من معاناته قد وجد لها الحل على أرقى مستوى من التفاني والحرص.
اليوم، أصبح مستشفى الترعة أكثر من صرح طبي؛ صار رمزا لتلاحم أهل الخير، وتجسيدا للعمل الجماعي الذي يرفع الإنسان فوق حدود المستحيل. إنه درس حي، يروي قصة الإخلاص والتضافر بين الجهد الشعبي، والدعم الخيري، والعناية الحكومية، ليصنع المعجزات، ويحقق الفخر لكل قلب يؤمن بأن التضامن يصنع الحياة. ونحن نحتفل بهذا الإنجاز التاريخي، نحمل في قلوبنا اليقين بأن مستقبل الطب في غرب المحس مشرق كأشعة فجر جديد، وأن هذا الترفيع إلى الدرجة (أ) ليس نهاية الطريق، بل بداية فصل جديد من التميز، والتطوير، والعطاء المتواصل، حيث تلتقي الإنسانية مع المعرفة، والرحمة مع الكفاءة، لتظل خدمة الإنسان وكرامته هي النبراس الذي يضيء كل خطوة نحو المستقبل.
خاتمة : غرب المحس تتلألأ، والبركة تفتخر، والمستقبل الصحي يشرق بألوان الرجاء والنجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*