رفض السودان لبعثة تقصى الحقائق

رفض السودان لبعثة تقصى الحقائق
  • 20 نوفمبر 2025
  • لا توجد تعليقات


اشرنا في مقالنا السابق بعنوان  قرار مجلس حقوق الانسان وعودة الجنائية الى دارفور مجددا، الى الطبيعة القانونية لقرار مجلس حقوق الانسان بانه غير ملزم قانونا،الا انه ملزم أخلاقيا فقط. بخلاف القرارات التي يصدرها مجلس الامن الدولى والتي تتسم بصفة الالزام.
وبعد صدور قرار مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل بعثة تقصى حقائق عن احداث الفاشر،  صرح وزير العدل بحكومة الامر الواقع  ببورتسودان عبد الله درف برفضه لقرار مجلس حقوق الانسان  بتشكيل بعثة حقائق في احداث الفاشر ، ومنع دخول البعثة الى السودان. وهنا يثار في ذهننا السؤال التالى هل تصريح الوزير أعلاه هو  يمثل راى الحكومة برفض البعثة؟ الإجابة جزما لا، وذلك لان التصريح الرسمي الذى يعتد به يجب أن يكون صادرا من رئاسة الحكومة( رئيس مجلس الوزراء) او  رئيس مجلس السيادة، فتصريح وزيرالعدل لا يعتد به في مثل هذه المسائل  التي يتوجب ان يكون فيها التصريح من قبل الحكومة او الدولة. عليه أن حكومة بورتسودان لم تحسم امرها حتى الان فيما يتعلق ببعثة تقصى الحقائق، فلم ترفضها حتى الان ولم يصدر تصؤيح رسمي من الحكومة او الدولة.
ولكن فلنفترض انه صدر تصريح رسمي من الحكومة او الدولة برفض بعثة تقصى الحقائق حتى نستطيع ان نبين سبب هذا الرفض واثره على عمل البعثة ونتائجه واثاره.
بالتأكيد من الناحية القانونية من حق الدولة ان ترفض دخول بعثة تقصى الحقائق الى أراضيها انطلاقا من مبدأ عدم التدخل الذى نص عليه ميثاق الأمم المحتدة، فضلا عن ذلك كما اشرنا سابقا ان قرارات مجلس حقوق الانسان غير ملزمة قانونا. ولكن لاتستطيع الدولة ان  تتزرع وتحتج بالشان الداخلى وترفض أي تدخل سواءانسانى او بعثة تحقيق مستقلة صادرة بموجب قرر من مجلس الامن الدولى. ولكن يبدو ان رفض حكومة الامر الواقع  ببورتسودان لدخول البعثة  ليس من منطلق التدخل في الشأن الداخلى،  بل سبب الرفض الاساسى خوفا من الاتهام  والادانة بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الجيش السودانى خاصة وانه سبق أن أصدرت الخارجية الامريكية في يناير 2025 عقوبات على قادة الصراع البرهان وحميدتى متهمه اياهما بالسعى لانها الصراع عن طريق الحسم العسكري، كما فرضت عقوبات على قائد الدعم السريع حميدتى واتهمته بارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة الى ذلك ما أعلنته وزارة الخارجية الامريكية  بالعقوبات التي ستفرضها على السودان بعد ثبوت استخدام حكومتة أسلحة كيمائية في العام 2024 خلال الصراع الدائر بين الجيش والدعم السريع. وأن هذا الرفض يشكل قرينة واضحة على ارتكاب حكومة بورتسودان انتهاكات ممنهجة لحقوق الانسان واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا. بل اكثر من ذلك يدعم صدق وثقة تقرير البعثة التي سوف تعده وتقدمه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أن هذا الرفض لا يؤثر على عمل البعثة ويمكن للبعثة أن تواصل عملها من خارج السودان وذلك من خلال دول الجوار حيث تنتشر معسكرات اللاجئين كما في تشاد، والنازحين في دول الجوار  كبوغندا وكينيا ورواندا ومصر، وعقد اللقاءت مع هؤلاء بالإضافة الى الاعتماد على تقارير المنظمات الموجودة بالداخل، وغيرها من المنظمات في الخارج ،  والمنظمات الدولية في دول الجوار. فضلا عن ذلك الاستناد أيضا على تقارير المقرر الاممى لحقوق الانسان بالسودان. وقد اثببت السوابق الدولية في الرفض للبعثة انه لايعيق عملها فهناك دولا رفضت  بعثات تقصى حقائق ولجان تحقيق وعدم التعاون معها كارتيريا وميانمار وبالرغم من ذلك استمرت اللجلان في عملها وأصدرت تقاريرها .
أما الاثار المترتبة لهذا الرفض  يمكن تناولها من الناحية القانونية والسياسية والدبلوماسية.
من الناحية القانونية يعتبر السودان مخالفا  للمواثيق والاتفاقيات الدولية ، فرفضة للبعثة والتعاون معها يجعلة مخالفا لمبدأ التعاون الدولى  وهو من مقاصد الأمم المتحدة والذى نص عليه المادة الأولى من الميثاق الفقرة الثالثة(1/3) ،وهذا يؤدي الى تتويق اللجنة في تقريرها بعدم التعاون، مما يؤدى ذلك الى إحالة الملف لاحقا الى مجلس الامن، بشان كل السودانوليس حصرا في الفاشر.
وأيضا يعتبر مخالفا للقانون الدولى الانسانى في حالة النزاعات المسلحة التي نظمتها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبروتكولات الاضاقية الملحقة بها والتي تلزم الدولة  والأطراف المتصارعة بحماية المدنيين  والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
فعدم التعاون مع البعثة ورفضها يجعل السودان امام كثير من المخالفات الدولية، امامن الناحية السياسية والدبلوماسة ربما يؤدى هذا الامر الى زيادة تدويل مشكلة السودان ودبلوماسية ربما يؤثر ذلك في العلاقات الدبلوماسية مع الدول.
أما من ناحية نتائج هذا الرفض ربما تتم إحالة الملف لمجلس الامن ليشمل كامل السودان، وربما تكون هناك فرض عقوبات دولية  على السودان من قبل المجلس. او  ربما يكون هناك تدخل انسانى من قبل مجلس الامن الدولى  بصدور قرار منه، حيث توالت الشواهد على التدخل الانسانى من قبل مجلس الامن بصدور القرار رقم 794 بشان التدخل في الصومال، والقرار رقم 940 والذى تبناه المجلس  بشان هاييتى.
الا انه مسالة التدخل من قبل المجلس قد تكون صعبة نسبة تباين الآراء فيما يتعلق بشان الحرب في السودان بين الأعضاء الدائمين، لذلك ربما يكتفى المجلس بالعقوبات فقط.
ختاما نأمل ان يصدر تصريح وإعلان رسمي من قبل ت حكومة بورتسودان بقبول  ببعثة تقصى الحقائق وتتعاون معها في كل المجالات خاصة فيما يتعلق بفتح الممررات للمساعدات الإنسانية حتى تجنب السودان من العقوبات الدولية.

الوسوم السر-العجمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*